المخرج محمد البكري: نحن نحلم بمنزلٍ وكرامة، لا شيء أكثر من ذلك

773

(حاوره الصحفي Yohan Shanmugaratnam من صحيفة Klassekampen)

كان لمحمد البكري عادةً صوتاً قوياً، حيث قام محمد الفلسطيني باستخدام هذا الصوت في العديد من الأفلام طوال مسيرته التمثيلية. من بين هذه الأفلام هو فيلم “البرج” أو” Tårnet” المُنتَج في النرويج والحائز على أحد الجوائز. حيث يدور الفيلم حول طرد الفلسطينيين ويقوم محمد فيه بإداء صوت لطفي اللاجئ الفلسطيني المُسن.

ترجم المقال لدار: مهند عبدللهورد المقال الأصلي في صحيفة Klassekampen تحت عنوان: «VI DRØMMER OM ET HJEM. OG VERDIGHET. INGENTING MER»

لكن هذا الصوت كان عالياً عندما قامت كلاسه كامبين Klassekampen بالتحدث مع بكري عبر الهاتف، حيث كان في قريته العربية الواقعة في شمال إسرائيل. يقول محمد ” أنا آسف لكون الصوت سيء للغاية. فإنني أفقد صوتي عندما أكون مكتئباً“.

النيران والأنقاض

يقوم بكري بمشاهدة فيلماً قديماً لمرةٍ أُخرى، بينما ترتفع حصيلة القتلى في غزة وتُطلَق صفارات الإنذار فيها.

يقول الممثل محمد بكري ” القصة في فيلم البرج أو Tårmet تدور أحداثها في يومنا الحاضر، فما نريده هو فقط أن نعيش في منازلنا. نحن نحلم بمنزلٍ وكرامة ولا شيء أكثر من ذلك. لكن الاحتلال يقتل هذا الحلم الذي نريده أن يتحقق، فهم يرفضوننا“.

قمنا بسؤال بكري عن الذي يجعل الوضع مُختلفاً هذه المرة؟

يجيب البكري ” لقد أصبح الوضع أكثر تطرفاً وأكثر عنصرية وفاشية، فالشرطة والجيش الإسرائيلي يتصرفان بوحشية كبيرة ضد الجميع، حتى ضد أولئك الذين يتظاهرون بطرقٍ سلمية ويرفعون اللافتات التي تُعبّر عن استيائهم من الاحتلال والعنصرية“.

انتهى المطاف بممثلة زميلة لبكري في المستشفى بعد أن قامت الشرطة الإسرائيلية بإلقاء قنبلة صوتية عليها خلال مظاهرة في حيفا مؤخراً. وكما أُصيبَ ابن الممثل بكري في عينه بعد مشاركته في الاحتجاجات في المسجد الأقصى بالقدس. ولوكان بكري يتمتع بالفعل بصحةٍ جيدة، لقام بذلك أيضاً، بل لكان حمل الكاميرا بنفسه وذهب إلى الشيخ جراح في القدس الشرقية حيث يتعرض الفلسطينيون للتهديد بالإخلاء من منازلهم. فمحمد البكري هو المخرج الذي وقف وراء الفيلم الوثائقي ” جنين،جنين” أو ” Jenin,Jenin” والذي يعرض المجازر التي ارتكبتها إسرائيل عام 2020 , والذي تم منعه في إسرائيل.

حوار ميّت

لدى محمد بكري ستة أبناء وخمسة أحفاد، لقد حاول بكري تنشئتهم جميعاً ليشاركوه أيمانه بالحوار مع الإسرائيليين. أما الآن فإنه على وشك الاستسلام. يقول بكري:

أنا رجل متفائل بعادتي، لقد اعتقد بأنه من الإمكان إحداث تغييرات وإيجاد الحلول وقمت بإخبار ذلك لأولادي. لكنني لا أعرف الآن ما يمكنني أن أقول لهم، فلم يعني بإمكاني الاثبات لهم بأن إسرائيل تريد السلام. فحتى أنا تحاول إسرائيل تحويلي إلى مُتطرفاً، على الرغم بأنني لست كذلك. لكنهم لا يريدون أشخاصا مثلي، هم يريدون الجهاد الإسلامي وحماس، ويريدون أن يتفاعل الناس من خلال العنف. وذلك من أجل تبرير سياستهم في الضفة الغربية وغزة“.

كان بكري يشاهد الأخبار مع أحد أحفاده في ذلك اليوم، على حد قوله ” لقد رأى حفيدي ذو السبع سنوات بأنني كنت حزيناً، ليبدأ الصبي بحوارٍ ذاتي: لا أفهم ما الذي يريدونه منا، لماذا يتدخلون في حياتنا؟ لماذا لا يُنهون الاحتلال؟”.

بدأ بكري بالشعور بالانزعاج أثناء حوارنا معه، حيث قام بمخاطبة الإسرائيليين بشكلٍ مباشر ” أتركونني وشأني، لا أريد حمايتكم، لا أريدكم في أفكاري أو بجانب سريري، دعوني أعيش بسلام!” كما يتابع بكري ليقول ” هذا هو الحلم الذي نحلم به كفلسطينيين، لقد لقينا ما يكفي، فإذا كنت أن تكون جاري فنحن نرحب بك كما ويمكنك أن تكون قريباً مني، لكن لا تقم بأخذ مكاني. أنا لا أقول إنه ليس لإسرائيل الحق في الوجود، ولكن ذلك قد يكون في إسرائيل وليس في فلسطين”.

عالمان مختلفان

قمنا بسؤال محمد: لماذا لا ينظر الكثير من الإسرائيليين إلى الاحتلال على أنه جوهر الصراع؟

أعتقد بأن الكثير من الإسرائيليين يفهمون ذلك، لكنهم لا يريدون قول ذلك. وفي حال أنهم لم يفهموا ذلك فلا أعرف ماذا يمكنني القول. فبيمنا يدرك شخص مثلك يعيش بعيداً في النرويج بأن الناس بحاجةٍ إلى منزل وحرية وكرامة من أجل العيش، فلماذا لا يدرك الإسرائيليون هنا ذلك؟ على الرغم بأن رؤية ذلك سيكون أسهل بالنسبة لهم مما هو بالنسبة لك“, يجيب محمد.

يمكن للإسرائيليين أن يكونوا جيراني، لكن لا يمكنهم استبدالي وأخذ مكاني

يضيف محمد ” أن قيادة السيارة لمدة خمس دقائق من البينا، حيث أنا الآن، إلى مدينة كارميئيل الإسرائيلية، يمكن تشبيهها وكأنك تغادر قرية في الهند إلى منهاتن. وأنا ما زلت أتذكر كيف تم بناء كارميئيل فوق أراضينا في الستينيات“.

يرفض بكري التصديق بأن الإسرائيليين يريدون العيش في صراعٍ أبدي، الأمر الذي سيصبح حقيقة مادام الاحتلال قائماً. حيث سيتم الرد على القمع والإذلال العنيف، كأقل تقدير، من خلال  صواريخ حركة حماس الإسلامية في قطاع غرة.

هل وجود أي نوع من المقاومة أفضل من عدم وجودها نهائياً؟

أنا أمثلّ نفسي وما أؤمن به. حماس لا تمثلني ولا تمثل المجتمع الفلسطيني بأسره، إنهم يمثلون جزءاً من مجتمعنا محروماً من حقوقه الأساسية. فأنا لا أستطيع التوقع بأن الناس في غزة يعيشون ويفكرون مثلي، كما لا أستطيع فرض إيديولوجيتي على الذين يعيشون في المخيمات ويفتقرون لمقومات الحياة الأساسية. لا أستطيع إجبار هؤلاء على قراءة شكسبير والذهاب إلى المسرح، وهم لا يمتلكون الطعام ولا الهواء للتنفس، وبينما هم يعيشون في سجن“.

يضع نجم السينما ثقته الآن في الإسرائيليين التقدميين

يقول بكري ” يجب على التقدميين الإسرائيليين أن ينزلوا إلى الشوارع والقول بأن بنيامين نتنياهو وحكومته هم المسؤولون عن ذلك. كما يجب عليهم إخراجنا من الوحل الذي علقنا فيه. فبعض الناس يمتلكون الشجاعة، لكن معظمهم خائفون وصامتون. يجب على الإسرائيليين التحرك، فالحل لا يأتي من النرويج أو الولايات المتحدة أو أوروبا. بل يجب أن يأتي من هنا، فأولئك الذين لديهم القوة ووسائل التغيير هم الإسرائيليون، وليس أنا. هم يمكنهم النضال، فلديهم الكثير ليخسروه, أما أنا فليس لدي سوى بيتي لأخسره”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *