أن لا تصبح النرويج نسخة مماثلة للدنمارك

864

فري بين، قلم حر: من الممكن إغلاق الحدود أمام عدوى كورونا القادمة من الهند وباكستان، لكن علينا ألا ننسى خطر العدوى القادمة من الدنمارك والتي قد تصيب الديمقراطية الاشتراكية التي يترأسها حزب العمال.

لربما يميل حزب العمال Arbeiderpartiet إلى تقليد النجاح الذي حققه رفاقه في الحزب الدنماركي، وذلك في التوجه إلى اليسار في السياسة الاقتصادية وفي نفس الوقت الانعطاف بشكلٍ حاد نحو اليمين في سياسة الهجرة.

ترجم المقال: مهند عبداللهورد المقال الأساسي على صحيفة Stavanger Aftenblad تحت عنوان Kunsten å ikke være Danmark
معلومات المقال

قالت مته فريدريكسنMette Fredriksen رئيسة الوزراء الدنماركية في الأول من مايو/ أيار من العام الماضي “ لم أر تضامناً يزدهر بهذا الشكل كما هو الحال الآن“. فهذه الشاعرة ترى الدنمارك مثل حديقةٍ رائعة تتفتح فيها الأزهار. ولكن الحقيقة أن حول هذه الحديقة يتم وضع المزيد والمزيد من الأسلاك الشائكة، وذلك حتى لا يهدد المضطهدون وغيرهم راحة هذه الشاعرة. كما وأضافت” قد يبدو الأمر مُطمئناً لنجارٍ دنماركي من مدينة أودينسه Odense, لكن هذه الطمأنينة لا يمكن أن تكون كذلك بالنسبة للاجئين الذين وصلوا مؤخراً من سوريا، نعم، فيمكن للدنمارك أن تدفع ثمن الرحلة إلى الجحيم.”

انعطاف نحو اليمين

تعد الدنمارك البلد الأوربي الوحيد الذي يريد إرسال اللاجئين إلى نظام الأسد الإرهابي. ولكن نظراً لعدم وجود اتفاقية بين الاشتراكيين الديمقراطيين في كوبنهاغن ومعارضي الديمقراطية في دمشق، سيتم احتجاز النساء والأطفال وكبار السن في مركزي ترحيل سريين، حيث أن ظروف هذين المركزيين أسوأ من ظروف السجون الدنماركية من نواح كثيرة. حيث يمكن للاجئين أن يعيشوا هناك لسنوات عديدة في ظل هذه الظروف.

تصف قناة سي ان ان CNN بأن القرار عبارة عن “مُنعطف أخير نحو أقصى اليمين” في السياسة الدنماركية. التركيز على كلمة ” أخير” غير مبالغ به، حيث كان هناك العديد من هذه المنعطفات من قبل، وغير دقيقاً حيث أنه لربما سيكون هناك المزيد. قالت مته فريدريكسن في يناير/ كانون الثاني في البرلمان، بأن الهدف هو منع أي طالب لجوء من القدوم إلى الدنمارك ولو كان واحداً.

قبل عامين عادت سيلفي ليستهاوغ Sylvi Listhaug بحماس من كاستروب Kastrup. حيث زارت زميلتها وزيرة الهجرة الدنماركية إنغر ستويبيرغ Inger Støjberg, حيث تم الترحيب بها بالعناق الحار من قِبَلْ الوزيرة الدنماركية، وتقديم خطة الحكومة آنذاك لجعل الحياة غير سارّة وأكثر صعوبة بالنسبة للاجئين.

لقد تمت المُصادقة في البرلمان الدنماركيFolketinget على ما يُسمى ب “النقلة النوعية”, paradigmeskifte “هذه الكلمة الدنماركية التي يتم استخدامها في سياق اللغة النرويجية للدلالة على التعصّب. يتمثل الهدف من السياسة الدنماركية الجديدة في وضع أكبر عدد ممكن من اللاجئين في حالة دائمة من انعدام الأمان، وذلك من خلال منهم تصاريح إقامة مؤقتة، وقطع برامج الدعم، وزيادة صعوبة الحصول على لم شمل الأُسر. قالت وزيرة الهجرة النرويجية ” لقد منحني هذا المزيد من الإلهام للاستمرار“.

ومنذ ذلك الوقت قفت إنغر ستويبيرغ Inger Støjberg وزيرة الهجرة الدنماركية أمام المحكمة العُليا، باعتبارها السادسة في تاريخ الدنمارك ممن حالوا بشكلِ غير قانوني جعل الحياة أسوأ بالنسبة لطالبي اللجوء الشباب، ولكونها كذبت بشأن ذلك. الأمر الذي يشبه مغادرة سيلفي ليستهاوغ Sylvi Listhaug للحكومة في النرويج نتيجة اعتراضها على عودة أحد الأمهات مع طفلها المريض إلى وطنهم النرويج.

تولى ماتياس تسفاييه Mattias Tesfaye منصب وزير الهجرة في الدنمارك. كان ماتياس شيوعياً قبل أن يصبح اشتراكياً ديمقراطياً ومُغرماً بشدة بجدل اليمين حول التهديد القادم من الخارج. ووفقاً لهيغه ستورهاوغ Hege Storhaug, فأن ماتياس ” نموذجاً يُحتَذى به في الاستيعاب الثقافي، ورجُلاً يحب بلاده وسيقاوم أي شيء من شأنه تقويض الدولة القومية الدنماركية”.

عكس المعطيات

قامت منظمة حقوق الإنسان Human Rights Watch بالتقدير بأن نظام الأسد قام بسجن وتعذيب و”إخفاء” أكثر من 100000 شخص منذ بدء الحرب قبل عشر سنوات. تمّكن 35000 سوري من القدوم إلى الدنمارك والتقدم باللجوء والحماية هناك. وكجزءٍ من النقلة النوعية الدنماركية، تم فرض تاريخ انتهاء على الحماية الممنوحة. فقد قررت الحكومة الآن بأنه يمكن لبعض اللاجئين العودة إلى ديارهم. القرار الذي يؤثر بشكلٍ كبير على الأطفال والنساء الذين يجب فصلهم عن الرجال في أسرهم. فهؤلاء الرجال لا يمكن إعادتهم بسبب تعرضهم لخطر التجنيد الإجباري في الجيش السوري أو تعرضهم للسجن بسبب تهربهم من الخدمة العسكرية الإلزامية.

يحاول كلٌ من مته فريدريكسنMette Fredriksen رئيسة الوزراء الدنماركية ووزير الهجرة الدنماركي ماتياس تسفاييه Mattias Tesfaye تبرير القرار بالاختباء وراء تقارير الخبراء، في الوقت الذي يقوم فيه كُتّاب التقارير بإدانة القرار. يقول تسفاييه Tesfaye بأنه لن يستسلم على الرغم من استمرار الاحتجاجات، فلن يحدث ذلك ببساطة. كما وقال ل سي ان ان CNN ” إن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والسويد قد قالوا بأن الوضع الأمني حول دمشق قد تحسّن، لكن لا أحد سيرسل اللاجئين إلى سوريا سوى الدنمارك”. الأمر الذي يجعل موقف الدنمارك فريداً.

في صيف عام 1951 , كانت الدنمارك الدولة الأولى في العالم التي توقع على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، لتليها النرويج مباشرة للقيام بذلك. والآن تقول رئيسة الوزراء بأن يجب عليهم التأكد من عدم وصول عدد كبير من اللاجئين إلى بلادهم، وإلا ” فإن وحدتهم ستصبح مُهددة بالزوال“. في العام الماضي كان هناك 1547 طالب لجوء وهو العدد الأقل منذ عام 1998. ومن المُحتمل أن يصبح العدد أقل من ذلك في هذا العام، يا لهذه الوحدة الضعيفة للغاية!!

سيكون هناك دائماً من سيذهب إلى أبعد من ذلك، فالأنانية الوطنية تتحوّر بسرعة

حزب العمال Arbeiderpartiet يقوم بنسخ التجربة

لم يقم حزب العمال حتى الآن بالقول بأنه سيلغي الحق بطلب اللجوء على الأراضي النرويجية، لكن هناك رائحة تدل على نقلةٍ نوعية أيضاً هناك في مقر الحزب في أوسلو. حيث قام البرنامج الحزبي الذي تم تبنيه منذ أسبوعيين بالانفتاح على الفكرة الدنماركية المُتمثلة في إرسال طالبي اللجوء إلى دول ثالثة داخل وخارج أوروبا. يعتقد الحزب بأنه بالإضافة إلى تصدير السلمون والنفط سيتم تصدير طالبي اللجوء. وبالتالي,فهناك لن يحصل طالبوا اللجوء هؤلاء على المساعدة اللازمة لتهديد الوحدة.

هزم الديمقراطيون الاشتراكيون في الدنمارك الأحزاب اليمين المتطرف وذلك بسرقة سياساتهم، لكن هذه السرقة لن تؤدي فقط إلى منح إقامات مؤقتة، بل ستؤدي أيضاً إلى أن استيلاء هؤلاء الديمقراطيون الاشتراكيون على مكاتب الحكومة سيكون مؤقتاً. سيكون هناك دائماً من سيذهب إلى أبعد من ذلك، فالأنانية الوطنية تتحوّر بسرعة.

يجب إيقاف هذه العدوى أيضاً. يجب على أولئك الذين يريدون استغلال يوم العمال العالمي للتحدث عن التضامن الدولي أن يقوموا بإظهار بأنهم يتقنون فن ألا تصبح النرويج نسخة مماثلة للدنمارك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *