مذكرات في التطوع

656

يعزوا العديد من الخبراء الاجتماعيين والباحثين في التاريخ، النهضة التي شهدتها دولتي ألمانيا واليابان بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية الى انتشار الأعمال التطوعية في هذين البلدين. العمل التطوعي شكل كل مجالات الحياة مما أدى الى تطور ملفت ساعد في وضع هذه الدول على طريق التعافي من الآثار المدمرة للحرب.
تعتبر الأعمال التطوعية والوعي الشعبي بها إحدى العلامات المهمة على وعي الأمم وقابليتها لبناء مجتمع متماسك قادر على تجاوز الأزمات الطارئة التي تعصف بالمجتمعات.

شهدت المنطقة العربية منذ بداية العقد الماضي ثورات شعبية وحروب داخلية أدت الى دخول العديد من الدول في حالة من الانهيار المجتمعي.
مما دفع الآلاف من الشباب الواعي والمتحمس الى البدء بأعمال تطوعية تساعد في تخفيف المعاناة والعمل على الدعم النفسي والفكري في ظل غياب المؤسسات المسؤولة  عن هذه الملفات.

وكان لسوريا النصيب الأكبر من عدم الاستقرار المجتمعي هذا، بسبب الوحشية الذي تعرض لها الشعب السوري على يد النظام الحاكم.  الأمر الذي تسبب ببروز عدة فرق ومنظمات مجتمع مدني عملت سوياً من أجل الحد من معاناة الشعب السوري.

شهدت المنطقة العربية منذ بداية العقد الماضي ثورات شعبية وحروب داخلية أدت الى دخول العديد من الدول في حالة من الانهيار المجتمعي.

ومن أهم هذه المنظمات والفرق حسب العديد من المراقبين هو فريق ملهم التطوعي، الذي انبثقت فكرته في عام 2012 عن مجموعة من طلبة الجامعة السوريين، الذين استشعروا ألم ومعاناة إخوانهم اللاجئين في دول الجوار ولمسوا جراحهم، فعملوا بادئ الأمر على إعانتهم بما استطاعوا من موارد بسيطة متاحة وطاقات إنسانية مخلصة، للتخفيف من آلامهم وتأمين احتياجاتهم الأساسية من السكن والغذاء والدواء.

رحلتي مع فريق ملهم

بدأت العمل مع فريق ملهم في وقت مبكر. الفريق المرخص كمنظمة رسمية في عديد من دول العالم كألمانيا والسويد وتركيا. ينشط كذلك في الشمال السوري ودول اللجوء تركيا، لبنان والأردن ويعمل على تخفيف المعاناة عن آلاف العوائل السورية المتضررة نتيجة الهجمات الدموية المستمرة طيلة السنوات العشر الماضية. حيث بلغ عدد متطوعي الفريق  أكثر من ٣٠٠ متطوع حول العالم. يتوزعون على عدد من الأقسام داخل الفريق كقسم الحالات الطبية والكفالات الإنسانية وقسم المأوى وعدد من الأقسام الإدارية واللوجستية. 

بلغ عدد متطوعي الفريق  أكثر من ٣٠٠ متطوع حول العالم

يسخر كل من متطوعي الفريق جزء من وقته وجهده في سبيل المساهمة بشيء بسيط لمد يد العون للناس كل ٌ حسب استطاعته واختصاصه.

 ومن الجدير بالذكر أن أعضاء فريق ملهم التطوعي يعتبرون مطلوبين بشكل واضح للنظام السوري، لكون الفريق أحد أبرز نتاجات الثورة السورية على الصعيد الاغاثي إضافةَ الى طبيعة عملنا داخل المناطق المحررة في مساعدة ضحايا القصف الهمجي والتهجير القسري الذي سببه نظام الأسد. فقد قدمنا في فريق ملهم عدد من الشهداء والمعتقلين بسبب طبيعة عملنا الاغاثي وانتمائنا لفريق ملهم والثورة السورية المدنية. إضافة الى كون العديد من المتطوعين على قوائم المطلوبين التي تم تسريبها في السنوات الماضية.
وعلى الصعيد الشخصي يتمثل دوري في الفريق على رواية قصص الناس وتحريرها بكلمات تلامس قلب القارئ ساعية على التأثير به وحثه على التبرع أو النشر. مستغلين وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها وسهولة الوصول الى عدد كبير من المتبرعين في جميع أنحاء العالم.

عمل دؤوب ونتائج مرضية

و على صعيد الإنجازات العامة للفريق فقد ارتفع عدد الأيتام المكفولين من قبل الفريق بشكل دائم الى أكثر من ٣٠٠٠ طفل، كما وتم الانتهاء من بناء مشروع الألف غرفة والذي يقوم على نقل عائلة من الخيمة الى شقة اسمنتية صغيرة تفيهم حر الصيف وبرد الشتاء.

عمل الفريق بميزانية تقدر بمليون دولار على مساعدة حالات إنسانية لعائلات متضرر بسبب سوء المعيشة والوضع الصحي، إضافة الى مساهمات كبيرة من قبل الفريق في مجال التعليم من حيث فتح عدة مدارس وروضات ومراكز تدريب وتأهيل، ومساهمات واسعة في المجال الطبي بإنشاء عدة نقاط طبية في الشمال السوري ومركز للعلاج الفيزيائي وآخر لدعم وتأهيل مرضى التوحد وكل هذه المراكز تحت اشراف مختصين ذوي كفاءة عالية.

تم الانتهاء من بناء مشروع الألف غرفة والذي يقوم على نقل عائلة من الخيمة الى شقة اسمنتية صغيرة تفيهم حر الصيف وبرد الشتاء.

يعتبر فريق ملهم التطوعي فريق محلي وطني سوري مؤلف من شباب وشابات يعملون من أجل التخفيف عن أهاليهم المتضررين بعيداً عن أي أجندة سياسية أو حزبية أو حتى أيديولوجية. الأمر الذي تفتقده معظم المنظمات العالمية العاملة في مجال الإغاثة والتي تحدها محددات كثيرة تعيق وصول المساعدات الى مستحقيها الحقيقين في كثير من الأوقات، وارتفاع نسب البيروقراطية والهدر بالإضافة الى بطئ العمل في هذه المنظمات لارتباط مساعداتها بقرارات دولية سياسية..

الأمر الذي يميز فريق ملهم أنه يعتمد على الاستجابة الفورية السريعة دون الارتباط بأي جهة أو قرار خارجي..

وكما هو الحال في أي منظمة إغاثية يواجه فريقنا العديد من الانتقادات سواء من الداعمين أو المشككين، مما يدفعنا الى أخذ النقد البناء بعين الاعتبار في سبيل تطوير عملنا بشكل يلائم الظروف الصعبة التي نعمل بها. وترك الكلام المثبط دون الالتفات اليه حتى لا يعيق عملنا اتجاه أهلنا المنكوبين والمتضررين.

كتب النص: عبير صوان
طالبة سورية تعيش في الدنمارك، ومتطوعة في فريق ملهم

0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *