لقمان سليم: مجدداً … لا لكاتم الصوت

672

قراءة في فيلمي (المجزرة Massaker ) و(تدمر Palmyra)

مرات كثيرة سخر ناجي العلي (1937- 1987) في رسوماته الكاريكاتيرية من الاغتيال باستخدام كاتم الصوت. كشف الفنان الفلسطيني الراحل بسخريته هذه، عمّا كان يدور في أذهان وتفكير من أراد احتكار مفاهيم (الوطنية) و(المقاومة) و(الثورة) لنفسه من رموز الثورة الفلسطينية وقادة فصائلها وحركاتها، والتي اختلف ناجي العلي مع سياستهم وأعلن عن هذا الاختلاف والرفض في رسوماته. لاحقاً قُتل صاحب حنظلة بطلقات من كاتم للصوت في لندن، معلناً بمقتله مرحلة جديدة من الاغتيالات السياسية التي ما تزال مستمرة في الشرق الأوسط، وبشكل خاص بلادنا العربية، والتي كان آخرها مقتل المفكر اللبناني والناشط السياسي المعارض لقمان سليم، الذي وجد مقتولاً في سيارته بخمسة طلقات من كاتم للصوت، أربعة منها في رأسه والخامسة استقرت في ظهره. وإن كان ناجي العلي قبل مقتله قد أدان وفضح قاتله علنا برسوماته الكاريكاتيرية، إلا أن هذا لن يشفع له أمام كاتم الصوت الذي يساعد القاتل في طمس جريمته، وإخفاء أدلة الإدانة. هذا ما حصل مجدداً في جريمة اغتيال لقمان سليم. يبقى لكاتم الصوت سطوته وحضوره في مساعدة القاتل على التملص من فعلته، وإغلاق ملف الجريمة كما سرت عليها العادة دائماً (تسجل القضية ضد مجهول).  

لاحقاً قُتل صاحب حنظلة بطلقات من كاتم للصوت في لندن، معلناً بمقتله مرحلة جديدة من الاغتيالات السياسية التي ما تزال مستمرة في الشرق الأوسط، وبشكل خاص بلادنا العربية، والتي كان آخرها مقتل المفكر اللبناني والناشط السياسي المعارض لقمان سليم

صفر خوف هو الشعار الذي انطلق بعد اغتيال لقمان سليم

   في الأشهر الأخيرة قبل مقتله، أعلن لقمان سليم على وسائل إعلامية مختلفة، عن تلقيه جملة من التهديدات بالقتل والأذى له شخصياً ولعائلته أيضاً، جاءت التهديدات من عناصر ومجموعات مؤيدة لحزب الله اللبناني وحركة أمل الشيعية على حد سواء، وصلت لدرجة تعليق ملصقات على باب بيته وصفته (بالعميل المأجور لجهات تنادي بالتطبيع مع إسرائيل، ومعاداة للمقاومة والممانعة). في بيان سابق له نشره آواخر عام 2019 حمَّل سليم المسؤولية الكاملة لكل من شخص (السيد حسن نصر الله “أمين حزب الله” والأستاذ نبيه بري “رئيس حركة أمل”) عما قد يلحق به من أذى شخصي أو لأي من أفراد عائلته.

 لم تشفع للصحفي والباحث المغدور أمام قاتله، جملة الأنشطة الثقافة والفكرية والإنسانية التي عمل عليها لسنوات طويلة، من ترويجه إلى ما عرف باسم (ثقافة الذكرى) التي تهدف إلى التعامل مع جملة النزاعات والحروب الماضية والحالية في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط والحرب الأهلية اللبنانية، أو دار (الجديد للنشر) التي أسسها سليم عام 1990 وأهتمت بنشر إبداعات الأدب العربي، والعديد من مقالات ودراسات، التي أثارت الكثير من السجالات وردود الفعل المتباينة، استدعت في كثير من الأحيان الأمن العام اللبناني إلى منعها وحظرها من التداول. من أهم الترجمات التي منعت كانت جملة من كتابات محمد خاتمي الرئيس الإيراني الإصلاحي السابق. أيضاً أسس سليم (مركز الأمم للأبحاث والتوثيق) عام 2005، والذي عمل من خلاله على أرشفة أهم وأخطر الوثائق التي تتحدث عن مرحلة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والتي تحاول مجمل التيارات والأحزاب المتزعمة للحياة السياسية اللبنانية طمسها أو إخفائها، وربما كان استخدام سليم  لمجمل هذه الوثائق في أعماله السينمائية الوثائقية، قد أثار حنق وغضب قاتليه، في بلاد اشتهرت بالجريمة السياسية، والاغتيالات بالجملة للكثير من الناشطين السياسيين والصحفيين وأصحاب الرأي والكلمة الحرة، دون أن يحاسب القضاء القتلة، وأن كانت هويتهم أو الجهات المحرضة والممولة لهم معروفة تماماً كما هو الحال مع لقمان سليم.

فيلم (المجزرة) الحقيقة التي لا يريد أحد أن يتذكرها:

مغامرة سينمائية وثائقية جريئة جداً، أنجزها سليم عام 2004 بالتعاون مع الألمانية مونيكا بورجمان زوجته وشريكته في مجمل أعماله ومنجزاته، وشارك في الإخراج هيرمان تايسن. الفيلم الذي حمل عنوان صادم (المجزرة) يمكن اعتباره قراءة خاصة جداً لمجزرة صبرا وشاتيلا (16 – 18 أيلول من عام 1982) والتي ذهب ضحيتها حوالي 3000 مدني فلسطيني. في العالم 1991 أصدر مجلس النواب اللبناني عفواً عاماً عن مجرمي الحرب اللبنانية، في محاولة يائسة لإنهاء الحرب، وإرساء ما سمي لاحقاً (السلم الأهلي). لكن في حقيقة الأمر برأت الحكومة اللبنانية مجرمي الحرب، ومنحتهم ضمانات للعودة للحياة المدنية، دون محاسبة أو محاكمة.

لقمان سليم مع الألمانية مونيكا بورجمان زوجته وشريكته في مجمل أعماله ومنجزاته

ضمن موضوعة (العنف الجماعي المرتبط بالمجازر) نجح فريق عمل الفيلم بإقناع ستة من عناصر القوات اللبنانية التي نفذت مجزرة صبرا وشاتيلا بتقديم شهاداتهم، وفتح خزان ذاكرتهم للبوح بتفاصيل لم يسبق لهم البوح بها لأحد. تفاصيل مرعبة رواها العناصر الستة، من قتل عائلات بأكملها، إلى إطلاق النار على الضحايا وإجبار من ينتظر دوره في الموت ألقاء الجثة في حفرة كبيرة أعدها القتلة بالتعاون مع عناصر من جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لم يبخل بتقديم آليات الحفر. يشرح أحد أبطال الفيلم كيف أصيب هو نفسه بالصدمة، عندما شاهد زميله الذي كان يعمل جزاراً، يذبح الضحايا كالخراف بدم بارد، ويقدمهم قرابين باسم (بشير الجميل) الرئيس اللبناني وقائد قوات الكتائب الذي اغتيل قبل أيام من المجزرة، فالمجزرة التي نفذها ابطال الفيلم كانت بهدف الانتقام لمقتل قائدهم وزعيمهم المتحالف تاريخياً مع إسرائيل. تفاصيل الموت التي رواها مرتكبوا المجزرة لا يمكن تلخيصها بسطور قليلة هنا، أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها مقززة ومثيرة للرعب. إنها المرة الأولى التي يشهد القاتل بنفسه عما فعلت يداه، بعكس مجمل الشهادات والوثائقيات التي ظهر فيها سابقاً أهالي الضحايا أو الناجون من المجزرة. هذا ما تطلب تعاملاً خاصاً جداً من الناحية النفسية مع القتلة، نجح سليم وفريق العمل المشارك في الفيلم في المحافظة على الحس الإنساني المتبقي لدى مرتكبي المجزرة. ترك القتلة أحراراً في حركتهم وانفعالاتهم، ولم يحتاج معظمهم لطرح أسئلة تحفيزية أو توجيه، لم يجلسوا على كرسي الاعتراف في مواجهة الكاميرا التي تسدد لهم كدليل الإدانة، بعضهم تبجح بذكوريته في وصفه لأدق تفاصيل عمليات القتل والذبح والاغتصاب والاقتحام (شعارنا كان كبير صغير مقمط بالسرير) في تعبير عن قرار القتلة المسبق بإبادة كافة أشكال الحياة في مخيمي صبرا وشاتيلا حتى الأطفال والرضع والحيوانات! خرائط ومخططات رسمها القتلة أمام الكاميرا لا يعرف رموزها ومعانيها إلا من شارك في المجزرة. يتطرق الفيلم إلى مرحلة هامة تتناول تأسيس فرقة (الصدمة) وهي فرقة خاصة من قوات الكتائب اللبنانية، تم تدريبها وتجهيزها في إسرائيل على مدى سنوات، لتكون فرقة خاصة (للاغتيالات الخارجية والمهمات الصعبة) يشرح أحد أبطال الفيلم كيف كانت تجري التدريبات في حيفا، ويعرض أمام الكاميرا ملابسه العسكرية وعتاده الذي صنع بالكامل في إسرائيل عام 1980! جميع المشاركين في الفيلم لديهم حياة مزدوجة، هم أمام عائلاتهم ومجتمعهم آباء أو أقارب ولهم عملهم وحياتهم العامة، وفي غرفهم الخاصة التي تم فيها تصوير الفيلم فهم يعيشون شخصياتهم المختلفة تماماً التي ما تزال مسكونة برائحة البارود والدم. لم تتحرر الشخصيات المشاركة في الفيلم من عقدة الذنب كما أظهرت ردود أفعال القتلة عندما عرضت عليهم بعض صور قتلى المجزرة. هذا ما أكده أحد المشتركين في الفيلم عندما قال: (الحديث عمّا حصل قد يكون أصعب من القتل، فالمعركة العسكرية انتهت، لكن معركتي مع نفسي لم تنته.. لم يحاكمني أحد على ما فعلت، واليوم، وأنا أتحدث في هذا الفيلم أشعر أن الحكم يصدر وينفذ).

جميع المشاركين في الفيلم لديهم حياة مزدوجة، هم أمام عائلاتهم ومجتمعهم آباء أو أقارب ولهم عملهم وحياتهم العامة، وفي غرفهم الخاصة التي تم فيها تصوير الفيلم فهم يعيشون شخصياتهم المختلفة تماماً التي ما تزال مسكونة برائحة البارود والدم

 حاولت الكثير من الجهات الرسمية منع عرض الفيلم في لبنان مبررة ذلك (حرصاً على عدم فتح ملفات عفا عليها الزمن، وخوفاً من إثارة الفتنة والرغبة بالثأر) لكن الفيلم شارك في العديد من المهرجانات السينمائية العالمية وحصد العديد من الجوائز وكتبت عنه الصحافة العالمية مقالات بالجملة. كشف الفيلم عن أسماء كثيرة متورطة في المجزرة، ما يزال الكثير منها حيا يرزق حتى يومنا هذا، ويشارك في الحياة الاجتماعية والسياسية اللبنانية، ومع ذلك لم يتعرض لها أحد بالمسائلة أو التحقيق أو حتى توجيه أصبع الاتهام والإدانة، في الوقت الذي تعرض لقمان سليم لحملات تخوين واتهامات بالعمالة والتطبيع مع إسرائيل، والتي كانت نتيجتها النهائية عملية الاغتيال.

-(تدمر) مسرحة الرعب:

عادة ما ينتهي التحقيق مع المجرم المدان، بتمثيله للجريمة التي اقترفها، قبل تنفيذ الحكم النهائي بحقه. لكن في فيلم (تدمر) كان الأمر معكوس تماماً. التقى مخرجا الفيلم لقمان سليم ومونيكا بورجمان 24 معتقلاً لبنانياً سابقاً في سجن تدمر، وتم الاتفاق معهم على إعادة تمثيل ظروف الاعتقال والتعذيب والرعب التي عاشوها في أكثر السجون السورية وحشية ودموية صاحب السمعة السيئة عالمياً، لكن هذه المرة ليس بهدف إدانة المعتقلين، لكن بهدف إظهار وكشف فظاعة وجرائم النظام السوري صاحب الصيت السيئ باعتقال الأبرياء وسجنهم لسنوات طويلة دون محاكمة. عمليات إنتاجية كثيرة امتدت قرابة عامين، وتعديلات مكثفة على سيناريو الفيلم الذي امتد قرابة الساعة والنصف، بعد أن قرر المعتقلين السابقين تبادل أدوار المعتقل/السجان فيما بينهم، ورفضهم أن يلعب أشخاص من غير المعتقلين دور الجلاد أو السجان. لعبة (مسرح داخل مسرح) بامتياز، أوجد صناع الفيلم فضاء خاصاً لأحداث المسرحية/الفيلم، عندما وقع اختيارهم على مدرسة مهجورة تقع في الضاحية الجنوبية من بيروت، أعاد المعتقلين السابقين بأنفسهم تجهيزها وخلق وإحياء تفاصيل وديكورات وأجواء الزنازين والمنفردات وحتى أدوات التعذيب التي طالت من أجسادهم في سجن تدمر لسنوات طويلة. ينقسم الفيلم إلى جزئين يكملان بعضهما البعض، ويتقاطعان في سياق العرض.

لقطة من فيلم «تدمر».


الأول سردي تسجيلي جلس فيه بعض المعتقلين على الكرسي أمام الكاميرا، لتقديم شهادات حية عن أهوال سجن الموت والدم. والثاني تمثيلي مسرحي تبادل عبره أبطال الفيلم أدوار السجان والمعتقل، رغبة منهم في إحياء تفاصيل حياتهم اليومية في سجن تدمر. جسد أبطال الفيلم طريقة خروجهم من زنازينهم منحني الظهور على شكل طابور للذهل والمهانة، وإدخال الطعام والماء، وطريقة النوم وخضوعهم الدائم للرقابة من السجان عبر فتحة في سقف الزنزانة. مثل البعض منهم أساليب الجلد والتعذيب فيما يسمى (الدولاب) وهو عبارة عن دولاب سيارة يدخل فيه المعتقل بطريق تفقده القدرة تماماً على الحركة أو المقاومة ليتناول السجانون على ضربه بالتناوب. مشاهد تمثيلية عشناها مع المعتقلين في الزنازين المنفردة وهم يحاولون التلصص إلى الخارج لمعرفة ماذا يجري من حولهم أو ترقبهم الدائم للعقاب والضرب والإهانة. يعري الفيلم المغرق في الواقعية الأساليب الممنهجة التي يتبعها النظام السوري في سجونه ومعتقلاته، بهدف سحق إنسانية وكرامة المعتقلين، وتحويلهم إلى جثث آدمية تتحرك دون روح أو حياة، بالمقابل شرح بعض المعتقلين عن طرق مقاومتهم للتعذيب العزل، عندما اختلق بعضهم شخصيات وهمية للتحدث معها في الزنزانة الانفرادية، أو حتى التحدث إلى النمل والحشرات. ومحاولات الجلاد تجريدهم من إنسانيتهم عندما حولهم على عبارة عن أرقام، وإجبار بعضهم على ضرب الآخر حتى تسيل الدماء منه في تناوب بشكل يومي. الفيلم الممتد حوالي الساعة والنصف يحبس أنفاس المشاهد بشكل خاص في الدقائق الأخيرة منه، نظراً للواقعية في نقل أدق التفاصيل الرعب والقتل والتعايش اليومي مع موت الرفاق من المعتقلين، بعد أن كان يعتبر جميع أبطال الفيلم في عداد المفقودين، وخروجهم من جحيم تدمر ليتحولوا إلى معتقلين سابقين. حقق الفيلم الكثير من الجوائز السينمائية حول العالم منذ عرضه الأول عام 2017، وذهب البعض لاعتبار الفيلم (شهادة سينمائية وثائقية) عن أفظع سجون ومعتقلات النظام السوري، هذا لم يعجب بالطبع العديد من القوة السياسية اللاعبة على الساحة اللبنانية والمتحالفة والداعمة للنظام السوري، مما زاد في وتيرة التهديدات والتضييق على عمل الباحث اللبناني القتيل وصولاً إلى اغتياله بكاتم للصوت!

أعاد المعتقلين السابقين بأنفسهم تجهيزها وخلق وإحياء تفاصيل وديكورات وأجواء الزنازين والمنفردات وحتى أدوات التعذيب التي طالت من أجسادهم في سجن تدمر

 في لبنان أو (دولة الطوائف) العدالة غائبة ما دام القتيل غرد خارج سرب الجماعة المحسوب عليها انتمائه، والتهم الموجهة إليه -والتي ربما تكون السبب المباشر في اغتياله- مثبتة تماماً عليه، وكأنها حقيقة دامغة، ما دام لقمان سليم انتقد وعرى منظومة حزب الله وحركة أمل وجملة الجهات والأنظمة الداعمة لهما، مثل إيران والنظام السوري. الوطنية والمقاومة هي حكر على قادة الأحزاب والحركات والمنظمات السياسية. أي خروج عن المسار المرسوم والمحدد سلفاً لمفهوم الوطنية، أو انتقاد لممارسات الممانعة، أو كشف للحقائق وتعرية للقمع والتعسف في حرية التعبير يعرض صاحبه للتخوين أولاً، التهديد المعلن والمفضوح ثانياً، وإن لم يتم التزام الصمت والعودة للمسار الصحيح يأتي الاغتيال أخيراً بكاتم للصوت وللحق وللعدالة كما حصل مع لقمان سليم، الذي لم يكن الضحية الأولى ولن يكون الأخيرة. من أشهر مقولات الراحل ناجي العلي: (اللي بدو يكتب عن فلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين بدو يعرف حاله ميت، أنا مش ممكن أتخلى عن مبادئي ولو على قطع رقبتي) وعلى ما يبدو أن مقولة العلي سارية المفعول في بلادنا العربية مع قليل من التحوير حتى إشعار آخر (من يريد أن يكتب بحرية، ويكشف حقيقة الظلم والديكتاتورية ويفضح التحالفات السياسية التي تحاك على حساب دماء وكرامة الناس، ومن لم يتراجع عن مواقفه الجريئة أمام عنجهية الأنظمة ومن يدعمها ويقف ورائها، أيضاً يجب أن يوقن أنه ميت)!

كتب المقال:
يوحنا زرزر: صحفي فلسطيني سوري يقيم في النرويج. من أسرة دار يكتب في شؤون الثقافة والاندماج.



اقرأ ليوحنا زرزر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *