كيف سرق حزب البعث الاحتفال بعيد المرأة العالمي

560

لم أكن أعرف أن يوم الثامن من آذار هو يوم المرأة العالمي. وتاريخ هذا اليوم تحديداً هو يوم مشؤوم لكل مواطن سوري و في تاريخ سوريا ككل.

“8 آذار” هو يوم الانقلاب، حيث حصل في سوريا انقلاب عسكري (أو ما يسمى استيلاء اللجنة العسكرية على القيادة المدنية) قاده حزب البعث. هذا الحزب الذي انتسبنا إليه دون معرفة بمبادئه وأهدافه، وما كان انتسابنا إليه الا طمعاً في الحصول على مركز وظيفي في أحد قطاعات الدولة. في بعض الأحيان ارتبطت صفة المواطن الصالح بحزب البعث. فإذا كنت بعثيّاً فهذا يعني حسب الخطاب الحزبي الدارج أنك مواطن صالح، شريف وتخلص لوطنك. في هذا اليوم وبدلاً من الاحتفال بعيد المرأة, سُلِبت الحرية وحق تقرير المصير من الشعب السوري، حيث هيمنت الأجهزة الأمنية على قرار ومقدّرات البلد بما يشبه الإلغاء لاعتبارية الشخصية السورية.

(Photo by James Andanson/Sygma via Getty Images)

هذه الثورة التي أراد النظام جعلها مناسبة عظيمة في التاريخ السوري, ما هي في الواقع إلا مجرد انقلاب عسكري، نم تدبيره في لحظة تآمر على مصير الشعب السوري، بين ليلة وضحاها. كان السوريون حينها قد اعتادوا أن يناموا على حكومة ليستيقظوا على البلاغ رقم واحد، وكانت الانقلابات نتيجة لحالة الغليان وعدم الاستقرار، والتدخلات الخارجية. اعتاد السوريون على تلك الأنماط الانقلابية، وكانوا يعتقدون أن ذاك الانقلاب سيكون مصيره كمصير الانقلابات الأخرى، إلا أنه لاحقا تبين أن هذا الانقلاب قد أسس لمستقبل لم يكن يخطر في بال أحد.

أعلن الانقلابيون في بيان لهم حالة الطوارئ والتي بقيت مستمرة في سوريا لعقود طويلة، حتى اضطر بشار الأسد لإلغائها شكلياً العام 2012 تحت ضغط انتفاضة السوريين. استمرت حالة الطوارئ مدة نصف قرن، وهي الأطول في التاريخ الحديث، تم الغاؤها ولكنها مستمرة عملياً حتى اليوم بطريقة أكثر بطشاً.

معظم أجيال الشعب السوري ولدت وعايشت عقبات هذه “الثورة” التي خططت لجعل سوريا تحكم الى الأبد على يد عصبة حاكمة جعلتنا نحتقل مكرهين بيوم الثامن من آذار بدلاً من الاحتفال ككل العالم بعيد المرأة العالمي.

نحن محكومون بالأمل”، كما يقول سعد الله ونوس كذلك سوريا، فما من غروب إلا ويليه شروق.


كتب النص فارس البتورة



سوري مقيم في النرويج . يعمل كمستشار مهني
مشرف سابق ومدير مشروع في NAV Bærum وعضو سابق في مجلس إدارة Alver AP

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *