كورونا يترك آثاره على الطلاب الجامعيين

740
كتب النص: سميّة آدن

تدرس الهندسة الحيويّة في جامعة Agder. شريك مؤسس في مشروع حياة للإنتاج الإعلامي.
ولدت سميّة في الدنمارك عام 1995 لأبوين صوماليين وتعيش في النرويج منذ عام 2015 بعد 14 عاماً قضتها في الشرق الأوسط.

استيقظنا يوم الخميس الموافق ل 12 آذار من العام الحالي على إغلاق الجامعات والكليات في أنحاء البلاد بسبب انتشار فيروس كورونا. تبع ذلك بعد أيامٍ قليلة إغلاقٌ لرياض الأطفال والمدارس. مما أدى إلى الرقمنة الكاملة للتدريس والامتحانات. قدمت الجامعات في جميع أنحاء البلاد بسرعة حلولاً رقمية تتناسب مع الظروف المختلفة للكليات وتتوافق مع احتياجات الطلاب المختلفة.
كانت الأيام الأولى بعد الإغلاق صعبة ومليئة بالتحديات المرهقة والحرجة، وذلك كون أن الأعمال اليومية الروتينية انقلبت رأساً على عقب. فبوجود طفلةٍ تبلغ من العمر 3 سنوات، وشقةٍ صغيرة لاستيعاب متطلبات الدراسة، كان الوقت يمر ببطء أكثر من المعتاد، في حين زادت المهام الواجب اتمامها. اضطررنا أنا وزوجي إلى ابتكار مجموعةٍ متنوعةٍ من الأنشطة والألعاب والرسوم الهزلية التي تناسب عمر طفلتي وتحافظ على هدوئها أثناء حضورنا للدروس على الانترنت أو كتابتنا للواجبات الإلزامية.

الطالبة سميّة آدن

بعد أسبوعين، بدأت أدرك بأن الوضع لم يتغير وأن حياتنا الجديدة ستكون على هذا النحو لبضعة أشهرٍ قادمة. فعدم التخطيط يجب أن يتغيّر ليصبح هناك هيكلية يومية تساعدنا على النجاح في دراستنا والعيش معاً كعائلة قوية تتمتع بصحةٍ عقليةٍ وجسديةٍ جيدة. وبما أن كلانا أنا وزوجي طلاب، قمنا بإنشاء مكان عملٍ خاص بنا وقررنا أنه لن يتم استخدامه إلا للقراءة. ومن أجل التركيز في القراءة وتحقيق النجاح قمنا أنا وزوجي بالتناوب على رعاية أطفالنا، حيث اعتنى أحدنا بالأطفال لبضعةِ ساعات بينما يقوم الآخر بالدراسة. كانت الخطة مرنة بحيث إذا احتاج أحدنا إلى المزيد من الوقت كنّا نقوم سويةً بترتيب الأمر.

على الرغم من الخطط والروتين، واجهت العديد من التحديات فيما يتعلق بالتعليم الرقمي. قدمت كلية التكنولوجيا والعلوم في جامعة أغدر Agder حلولاً رقمية تضمنت تسجيل المحاضرات والتدريس عن طريق تطبيق الزوم Zoom. كما تضمنت هذه الحلول استبدال التجارب المخبرية بمهامٍ نظرية يتم تأديتها بطريقة ما باستخدام شبكة الانترنت. لكن التعليم الرقمي افتقر إلى توفير التواصل بين طلاب الفصل نفسه وبين الطلاب ومعلمي المادة، بالإضافة إلى أن جميع عمليات تسليم الفروض أصبحت فردية. الأمر الذي وضع عبئاً إضافياً علينا نحن جميعاً الذي نتحدث النرويجية كلغةٍ ثانية، حيث أن صياغة النصوص النرويجية يستغرق وقتاً أطول من المعتاد.

كان تسجيل المحاضرات هو الأفضل بين جميع أشكال التدريس عن بعد المختلفة، حيث يتحدث المعلمون أحياناً بسرعة، وبالتالي لم أتمكن من الحصول على المعلومات أو حتى في بعض الأحيان لم أتمكن من فهم ما يقولونه على الإطلاق. أما عن طريق التسجيل، يتسنى للطالب الفرصة لاختيار السرعة المناسبة كما يمكن تكرار الموضوع لعدد لا نهائي من المرات مما يتيح فهمه بشكل أفضل. أجريت أربعة امتحاناتٍ منزلية خلال الفصل الدراسي وقد سار الأمر بشكل أسوأ مما توقعت. فالدارسة في المنزل مع وجود الأطفال ليست بنفس المستوى عندما تكون جالساً على مقعد الدراسة وتشاهد جميع الطلاب الواعدين حولك وهم يدرسون ويجدّون من أجل الاستثمار في المستقبل. فهذا الأمر يعطي الدافع والإرادة القوية للدارسة والتعلم الجيد ولفتراتٍ أطول.

أسوأ ما في الأمر كان القلق وعدم اليقين بشأن تراجع الموارد المالية الشخصية نتيجة التسريح الذي حصل. في شهر نيسان، تلقيت دفعةً واحدة على شكل منحة وقروضاً تغطي ما تبقى من الفصل الدراسي. لم يكن المال كافياً، مما دفع الصندوق الطلابي Lånekassen إلى عرض قروض إضافية للطلاب بقيمة 26000 كرون، حيث يمكن تحويل 8000 كرون منها إلى منحة دراسية لاحقاً. لم يكن العرض جذاباً بدرجةٍ كافية بالنسبة لي، فلم أقم بأخذه. خلال هذا الوقت قمت بإرسال العديد من طلبات العمل إلى العديد من المستشفيات ومراكز إجراء فحوص كورونا الواقعة في المناطق القريبة مني والتي كانت بحاجةٍ إلى عمالٍ صحيين. في منتصف شهر أيار حصلت على عملٍ في إحدى مراكز إجراء فحوص كورونا للموظفين في مستشفى Sørlandet HF. شعرت بالسعادة والفخر بعد حصولي على راتبي الأول.

أفكر بعض الأحيان في أول فصلٍ دراسي لي في الجامعة. حيث حصلت منذ عامين على مقعدٍ دراسيّ لدراسة الهندسة الحيوية في جامعة أغدر Agder، وذلك بعد ثلاث سنوات فقط من وصولي إلى النرويج. ولذا فأنني الآن أفكر في كيفية تأثير كورونا على مسار دراستي لو أنها جاءت قبل عامين من الآن؟ ففي ذلك الوقت، كان من المهم للغاية بالنسبة لي تكوين صداقاتٍ جديدة، والتواصل المباشر مع مدرسيّ المادة، والتجول في الحرم الجامعي دون قيودٍ.

عندما يتعلق الأمر بدراستي كان التعرف على البيئة النرويجية أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لي. حيث قمت بالدراسة في بلدان مختلفة ذات ثقافات مختلفة وأدركت مدى أهمية التعرف على البيئات الجديدة من أجل تحقيق أقصى استفادة على الصعيدين الأكاديمي والاجتماعي.

هذا كان يحدث عن طريق التواصل المباشر مع الأشخاص، أما في زمن كورونا فقد اختفى جزءٌ كبير من هذا التواصل.

لدينا المئات من الأدوات، بينما هناك القليل ممن يستخدمونها بطريقةٍ صحيحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *