“اخجل على حالك”

394

نحن البشر مختلفون، ونتفاعل نتيجة ذلك بشكل مختلف مع أحداث ومجريات الحياة. ومع ذلك، هناك بعض المشاعر وردات الفعل الشائعة عندما يواجه المرء شيئًا مخيفًا، مثل الخوف والغضب والخدر. إذا تعرض أحد منا للعنف في الشارع، فسيشعر بالخوف من الخروج بمفرده، أو من أشياء أخرى قد تذكره بالعنف. يمكن للمرء أن يشعر بالغضب تجاه الجاني، أو يشعر بالبرد، والفراغ، أو ربما قد لا يحمل تجاهه أي مشاعر على الإطلاق.


جميع ردود الفعل هذه شائعة لدى الأشخاص الذين يقعون ضحايا للعنف الجنسي، سواء الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي. بالإضافة إلى ذلك، فمن الشائع أيضاً الشعور بالخجل الشديد وكذلك الشعور بالذنب بالنسبة للبعض الآخر. 

سيحاول المقال التالي شرح ذلك، والحديث عن عواقب شعور الأشخاص الذين تعرضوا للاغتصاب بالخجل.

يُعرَّف الاغتصاب في النرويج بأنه: ممارسة الجنس من خلال استخدام الإكراه أو التهديد أو القوة أو العنف، أو الجماع الجنسي مع شخص فاقد للوعي أو نائم أو مخمور لدرجة أن الشخص لا يملك القدرة على رفض ما يحدث. بالإضافة إلى ذلك، يتم تعريف جميع ممارسات الجنس مع أطفال دون سن 14 عامًا على أنه اغتصاب.

يختلف تعريف الاغتصاب والاعتداء الجنسي على اختلاف الدول. على سبيل المثال، في بعض البلدان لا يوجد قوانين ضد ممارسة الجنس مع القصر، أو ضد الاغتصاب في إطار الزواج. في بعض البلدان أيضاً، قد يخشى الأشخاص الذين تعرضوا للاعتصاب من العقاب، على اعتبار أن الاغتصاب هو فعل جنسي خارج إطار الزواج.

يمكن للقانون أن يساعد في التمييز بين الاتصال الجنسي الطوعي والاغتصاب. لأن القانون، بالإضافة إلى حظر الفعل، فإن فيه تقسيم للمسؤوليات. فمثلاً عندما يكون إجبار شخص ما على الجماع الذي لا يريده أمراً غير قانوني، فإن المسؤولية تقع على عاتق الجاني بدلاً من الضحية. تخلق القوانين أيضًا معايير اجتماعية- فهي تؤثر على مواقفنا و تصوراتنا. ذلك لأن سماع أن الآخرين يعاقبون على الاغتصاب، يجعلنا ننظر إلى الفعل على أنه أكثر خطورة.

Richard Potts

في بعض البلدان لا يوجد قوانين ضد ممارسة الجنس مع القصر، أو ضد الاغتصاب في إطار الزواج.

يختلف تعريف الاغتصاب والاعتداء الجنسي على اختلاف الدول. على سبيل المثال، في بعض البلدان لا يوجد قوانين ضد ممارسة الجنس مع القصر، أو ضد الاغتصاب في إطار الزواج.

كيف يسيطر الشعور بالعار على الضحية؟

لسوء الحظ ، يتم التبليغ عن عدد قليل جدًا من حالات الاغتصاب المرتكبة، وبالتالي لا يتم التحقيق في الغالبية منها. كما أن بعض حالات الاغتصاب التي يتم الإبلاغ عنها، يتم فيها رفض متابعة الحالة لعدم كفاية الأدلة. قد يكون من الصعب إثبات الاغتصاب بما لا يدع مجالاً للشك، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه عمل إجرامي غالبًا ما يتم بدون وجود شهود في المكان. لذلك فإن الخوف من عدم تصديق الأمر أو إسقاط القضية قد يمنع الضحية من الإبلاغ.

ليست الشرطة فقط التي لا تسمع عن حادثة الاغتصاب في حال حدوثها، فقد وجدت دراسة من عام 2017 أن الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة، أمضوا 17 عامًا في المتوسط ​​قبل إخبار أي شخص عن الانتهاك.

ولكن ما الذي يمكن أن يكون السبب الذي يجعل الأمر يستغرق وقتًا طويلاً للتحدث عن الاعتداء الجنسي، وماذا يسيطر الشعور بالعار والخجل في هذه الحالة؟

هل تتذكر ذات مرة شعرت بالخجل حقًا؟ هي تجربة من السهل التعرف عليها بالنسبة لمعظم الناس، لأنه شعور “يعيش في الجسد”. ربما تتذكر شعورك بالرغبة بأن تدفن في الأرض من شدة الخجل؟ أن تحمر خجلاً أو تشعر بالقلق يسري في جسدك؟

نظرًا لأننا كبشر كائنات اجتماعية تعيش في جماعات، فإن للشعور بالعار وظيفة مهمة. إنه يعطينا إشارة قوية بأننا خدعنا أنفسنا، ويجعلنا نرغب في الاعتذار أو “إصلاح” ما حدث بطرق أخرى. وعلى الرغم من أن قدرتنا على تجربة المشاعر هو أمر فطري إلى حد كبير، إلا أننا نتأثر أيضًا بالبيئة المحيطة بنا. يتعلم الأطفال بسرعة ما هو مقبول وما هو غير مقبول، وغالبًا ما نخبر الأطفال أنهم “يجب أن يخجلوا” إذا فعلوا أمراً خاطئًا.

وجدت دراسة من عام 2017 أن الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة، أمضوا 17 عامًا في المتوسط ​​قبل إخبار أي شخص عن الانتهاك.

GovernmentZA

هذا ينطبق بشكل خاص على الموضوعات “المحظورة” في معظم الثقافات، مثل النشاط الجنسي والحديث عن الجسد. يتعلم الأطفال بسرعة أنها مواضيع يجب توخي الحذر عند تناولها، أو عنم تناولها على الإطلاق. 

مقارنة بأنواع العنف الأخرى، تتمكن الإساءة الجنسية من السيطرة على الشخص بسبب كونها حادثة شخصية في إطار يحظره المجتمع. 

ماذا تتصور/ين عند سماع كلمة اغتصاب؟ يتخيل لدى معظمنا صورة لمعتدٍ مجهول، واعتداء يقع في شارع مظلم يعمه الهدوء. ولكن في الحقيقة فإن حالات الاغتصاب وسوء المعاملة يحدثان غالبًا بين الأشخاص الذين يعرفون بعضهم البعض. يمكن أن يكون الجاني هو أحد أفراد العائلة أو صديقًا أو مدربًا أو مدرساً، أشخاص يعرفون الضحية بشكل جيد بحيث يعرفون إمكانياتهم في التهديد والإجبار على الاتصال الجنسي دون استخدام العنف الجسدي. معرفة الجاني بالنسبة للضحية تؤدي إلى تزايد الشعور بالمسؤولية والعار.

في الحقيقة فإن حالات الاغتصاب وسوء المعاملة يحدثان غالبًا بين الأشخاص الذين يعرفون بعضهم البعض.

ماذا تتصور/ين عند سماع كلمة اغتصاب؟ يتخيل لدى معظمنا صورة لمعتدٍ مجهول، واعتداء يقع في شارع مظلم يعمه الهدوء.

يمكن أن تساعد ردود فعل الجسم تجاه الحدث في خلق العار أيضاً. أحد ردات الفعل هون أن “يتجمد” الجسم أو “يتيبس”، ويفشل في المقاومة. يمكن أن يتسبب اللمس الجنسي أيضاً في أن يتفاعل الجسم بطريقة جنسية رغم عدم رغبة الضحية في ذلك. حيث يتدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية ويؤدي بالتالي إما إلى الانتصاب أو التزليق المهبلي. من المهم معرفة أن ردود الفعل هذه في الجسم لا تخضع لسيطرة الإرادة، مما يعني أنه لا يمكنك إيقافها بنفسك.

وبالتالي، وفيما يتعلق بالاعتداء الجنسي، يمكن أن ينبع الشعور بالخجل والذنب من التشريعات والثقافة في البلد الذي تعيش فيه، وكذلك من المحرمات الثقافية والحدود الحميمة في مرحلة الطفولة. يمكن أن يكون ذلك أيضاً بسبب العلاقة مع المعتدي وكذلك ردود فعل الجسم أثناء الاعتداء. قد يكون من الصعب والمؤلم تصديق أن مدرب فريق الحي أو الجد المحب أوالعمة اللطيفة كانوا أشخاصاً سيئين أو “مغتصبين”. إذا لم تتمكن من تصديق ما يُقال عن الجاني، فأنت مجبر على فهمه كما لو أن الضحية كانت تكذب. لذلك فإن المرء يخاطر كثيرًا عند القول والإفصاح عما حدث. نتيجة لذلك، ولسوء الحظ، يتعرض معظم الأشخاص الذين يبلغون عن سوء المعاملة التي تعرضوا لها للنبذ. 

أهمية الحديث للآخرين عما حصل

ينمو العار بشكل جيد جدًا بمفرده، لأنه يمكن أن يتحدث إليك دون تناقض. يريد أن يخبرك أنك تستحق ما حدث، وأنك لا تساوي شيئًا، وأنك مكسور أو قذر. هذا هو السبب في أننا نحتاج إلى أشخاص يخبروننا بشيء آخر: أن ما حدث لم يكن خطأك، وأنك ذو قيمة وأنك تستحق الرعاية والحب. لذلك فمن المهم أن تكون قادرًا على إخبار شخص ما بما مررت به واختبرته، سواء كان ذلك لصديق أو أحد أفراد الأسرة أو مساعد محترف مثل الطبيب أو الطبيب نفسي. 

في عملي كطبيبة نفسية، يعد هذا موضوعًا مهمًا عندما أقابل أشخاصًا تعرضوا للاغتصاب وسوء المعاملة. في العلاج، نعمل على تقليل الأعراض مثل صعوبة النوم والقلق واليأس وذكريات الاغتصاب الغازية، ونعمل أيضًا على تقوية تقدير الذات. نعمل كذلك معاً على إعادة العار إلى مكانه حيث ينتمي حقاً: المعتدي.

رونا كونجسفيك
WRITEN BY

رونا كونجسفيك

طبيبة نفسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *