13 أيلول/سبتمبر، الانتخابات البرلمانية للساميين!

789

يوم الإثنين 13 أيلول/ سبتمبر، ستجري الانتخابات البرلمانية للساميين بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية. برلمان السامي Sametinget هو مجلس الشعب للساميين في النرويج. لذلك، فنحن الساميين لن نذهب للتصويت فقط لمن نريده كرئيس للوزراء وممثلين برلمانيين في النرويج، بل سنذهب أيضاً لانتخاب رئيس برلمان السامي و ممثلينا في هذا البرلمان. في هذا النص، سأقوم بالإخبار قليلاً عن الساميين، ولماذا لدينا برلمان سامي وما الذي يعنيه هذا للساميين في النرويج.

Sámediggeráđđi/Sametingsrådet
Foto: Christina Gjertsen

شعب واحد في أربع دوَل

تأسست الدولة النرويجية على أراضي شعبين ألا وهُما، النرويجي والسامي، الأمر الذي صرح به الملك هارالد في خطابه الافتتاحي للبرلمان السامي النرويجي الثالث عام 1997. وقد عاش الساميين في أقصى الشمال الأوروبي، منطقة نوركاوتين Nordkalotten، منذ آلاف السنين، حيث تم العثور على آثار مستوطنة للساميين عمرها ثلاثة آلاف عام في شيلمويا Kjelmøya في شرق فينمارك Finnmark. تمتد مناطقُنا التي نُسميها سامبي Sápmi على الشمال السامي، وسايبميه Saepmie على الجنوب السامي، وسابميه Sabme، من شبه جزيرة كولا Kolahalvøya في روسيا وحتى فنلندا والسويد وجنوباً حتى هيدمارك Hedmark في النرويج. 

على الرغم من أننا مُنتشرون في أربع دول، إلا أننا نعتبر أنفسنا شعباً. ليس لدينا أي إحصاءات للعدد الدقيق للساميين، ولكن يتم تقدير عددنا من 80.000 إلى 100.000 شخص موجود في سابمي Sápmi، ويعيش نصفهم تقريباً على الجانب النرويجي من الحدود.

كان لدى الساميين طرق تقليدية لكسب العيش، مثل الصيد وصيد الأسماك والزراعة وتربية الرنة. تُعتَبر تربية الرنة على وجه الخصوص علامة ثقافية لشعب السامي اليوم. ينتقل في كل عام الآلاف من حيوانات الرنة من المناطق الداخلية والهضاب في الشتاء، إلى الساحل والبحر في الربيع، ليعودوا مرة أُخرى في الخريف، وذلك على طول المسارات والممرات التي مشوا عليها لعدة أجيال. إن نظرتنا التقليدية لحيوان الرنة هي أنه حيوان مُقدّس، بالإضافة لإطعامنا اللحوم لمئات السنين، يمنحنا الجلود لخياطة الملابس، والعظام لصناعة الأواني. تتم تربية الرنة في جميع أنحاء سابمي Sápmi وفي ترونديلاغ Trøndelag، وهضبة فينمارك Finnmarksvidda ، وفي الجبال السويدية والغابات الفنلندية، وفي شبه جزيرة كولا Kolahalvøya في روسيا.
يتم الاعتراف في النرويج على الساميين كشعوبٍ أصلية، مثل السكان الأصليين في أستراليا ونيوزلندا، والقبائل في الولايات المتحدة الأمريكية. حقيقة أننا شعوب أصلية في نصف الكرة الشمالي، تعني أننا عشنا في هذه المنطقة لفترات طويلة قبل استعمارها ودمجها في دولٍ أُخرى. لقد حافظنا نحن الساميين على ثقافتنا ولغتنا على الرغم من الاستعمار وقمع سُلطات الدول التي حولنا.
يوجد هُناك العديد من لغات السامي المُختلفة، ففي النرويج يتم التحدث بثلاث لغات سامي اليوم، لغة سامي الشمالية، لوله سامي lulesamisk، لغة سامي الجنوبية.

Feiring av Sametingets 30 års dag/Sámedikki 30 jagi ávvudeapmi
Iŋgor Ántte Ánte Mihkkal/Ánte Mihkkal Gaup

من النرّوجة إلى برلمان السامي

تم افتتاح برلمان السامي Sametinget في عام 1989 لضمان التمثيل والمُشاركة السياسة للسكان الساميين في النرويج. حيث جاء إنشاء هذا البرلمان كنتيجة مُباشرة لتنشيط ثقافة السامي وللنضال السياسي، بعد أكثر من مئة عام من سياسة الانصهار التي اتبعتها السلطات النرويجية. فمنذ القرن التاسع عشر، كان للسلطات النرويجية هدفاً سياسياً يتمثّل بتخلي شعب السامي عن لغتهم وثقافتهم وأن يصبحوا مواطنين نرويجيين صالحين- الأمر الذي يُسمى بسياسة النرّوجة Fornorskingspolitikk. اعتبرت السلطات النرويجية أن ثقافة السامي أدنى شأناً من الثقافة النرويجية، واعتقد الكثيرون أن شعب السامي كانوا في مستوى أقل تطوراً من مستوى النرويجيين.
لم يتم استخدام لغة السامي في الأماكن العامة، وتم إرسال أطفال الساميين إلى المدارس الداخلية، حيث عن طريق الضرب واستخدام المسيحية كان يتم تعليمهم احتقار لُغَتهم وأصولهم كسامي. وفي بعض الأماكن، لم يُسمَحْ للساميين بامتلاك الأراضي حتى قاموا باتخاذ أسماء نرويجية واستبدلوا لغتهم السامية بالنرويجية. كانت هذه السياسة فعّالة للغاية، ودفعت الكثيرين إلى اتخاذ أسماء نرويجية وإبعاد أنفسهم عن أصولهم السامية. تُعَدْ سياسات النرّوجة Fornorskingspolitikk السبب وراء عدم تحدث الكثير من الساميين للغات السامي اليوم، بل أنهم يتحدثون النرويجية بدل ذلك.
خلال القرن العشرين، نمت المُعارضة السياسية السامية ضد سياسة النرّوجة Fornorskingspolitikk. في عام 1906 تم انتخاب إساك سابا Isak Saba كأوّل سامي في البرلمانStortinget، وفي عام 1917 عُقِدَ أول اجتماع عام للساميين في تروندهايم Trondheim. في عام 1968، تم تأسيس الرابطة الوطنية النرويجية للساميين، وهي أول مُنظمة وطنية لقضايا الساميين، حيث تم إنشاؤها في غوأوفداغايدنو Guovdageaidnu.
على الرغم من أن تنشيط الثقافة السامية حدث على امتداد القرن العشرين، إلا أن سياسة ونضال السامي كسرا حاجز الصوت الوطني، بشكلٍ خاص، فيما يتعلق بنزاع ألتا- كاوتوكاينو Alta-Kautokeino في السبعينيات من القرن الماضي. حيث قامت السلطات النرويجية باقتراح تطوير كبير للطاقة الكهرومائية، والذي من شأنه أن يقوم بسد المجرى المائي ألتا- كاوتوكاينو Alta-Kautokeino في فينمارك Finnmark. حيث سيؤدي السد المُخطط بناؤه إلى إلحاق أضرار جسيمة في الطبيعة وإصابة أسماك السلمون في النهر والاستيلاء على أراضي تربية الرنة. كما هدفت الخُطة أيضاً إلى احتواء القرية مازيه Máze السامية، بين ألتا Alta وكاوتوكاينو Kautokeino، والتهجير القسري للساميين الذين عاشوا في هذه القرية لأجيال. بدأ النضال من أجل المُحافظة على الطبيعة وتوطين الساميين بعد السبعينيات، وبعد عدة إضرابات عن الطعام وعدة تحركات، وصَلَ النضال ذروته في عام 1981 عندما اعتقلت الشرطة 800 متظاهر سلمي في ألتا Alta. 

تم بناء السد على نهر ألتا، وبناء محطة الطاقة، ولكن تم إنقاذ قرية مازيه Máze السامية. بالإضافة إلى ذلك قام نضال السامي بوضع حقوق الساميين في النرويج على جداول الأعمال، وبدأت السلطات النرويجية في العمل لرسم خريطة لحقوق الساميين. ففي عام 1987 صادق البرلمان النرويجي Stortinget على إنشاء برلمان السامي Samitinget على أعقاب نزاع ألتا والعمل السياسي الذي أعقب ذلك الصراع، وفي عام 1989 تم افتتاح برلمان السامي Samitinget رسمياً، ليَكُن أول هيئة تمثيلية للساميين في جميع أنحاء الدول الإسكندنافية.

انتخابات برلمان السامي Sametingsvalg والتمثيل البرلماني

مُنذ عام 1989 تم إنشاء برلمان السامي في كلٍ من فنلندا والسويد. في النرويج تتزامن انتخابات برلمان السامي Sametingsvalget مع الانتخابات البرلمانية Stortingsvalget، والتي تجري كل أربع سنوات. لتكن قادراً على التصويت في انتخابات برلمان السامي، يجب أن تكون مُسجّلاً في السجل الانتخابي لبرلمان السامي. وليتم تسجيلك في السجل الانتخابي لبرلمان السامي النرويجي يجب أن تُحقق معيارين، أولاً: أن تَعتَبر نفسك سامياً، ثانياً: أن تكون قادراً على إثبات أنك، أو أحد والديك أو أجدادك أو أجداد أجدادك، قد قام باستخدام اللغة السامية بصفتها اللغة الأُم، أو أن تُثبت بأن والديك مُسجلين في السجل الانتخابي لبرلمان السامي. في هذا العام، تجاوز عدد المُسَجَلين في السجل الانتخابي لبرلمان سامي 20 ألف شخص، الأمر الذي يحدث للمرة الأولى.

يضم برلمان الساميSamitinget  39 مُمَثلاً من 11 حزباً. يقود العمل البرلماني رئيس برلمان السامي أيلي كيسكيتالو Aili Keskitalo، الذي يشغل هذا المنصب منذ عام 2017، حيث قاد ائتلافاً للأغلبية العُظمى، حيث يتألف هذا الائتلاف من الرابطة النرويجية الوطنية للساميين NSR، وقائمة الساميين الرُحَّلْ Flyttsamelista، وحزب الوسط Senterpartiet، والناخبين من الساميين الجنوبيين Åarjel-Saemiej Gïelh  . بالإضافة إلى هذه الأحزاب، يتم تمثيل الأحزاب المتواجدة في البرلمان النرويجي مثل، حزب العمال Ap، وحزب اليمين Høyre، والحزب التقدمي FrP، كما ويتم تمثيل أحزاب غير متواجدة في البرلمان النرويجي مثل، حزب أريا Árja، حزب الشعب السامي Samefolkets Parti، وقائمة المُقيمين الدائمين في كاوتوكاينو وشعب شمال كالوت Kautokeino Fastboendes Liste og Nordkalottfolket.

Kong Harald åpner Sametinget
H.M.K. Harald åpner Sametinget i 1993. Foto: Harry Johansen.

مهام برلمان السامي

إن المهام التي يقوم بها برلمان السامي Samitinget مُتعددة الجوانب. حيث أن هذا البرلمان، يُمثّل هيئة إدارية للغة وثقافة السامي، وهو أيضاً هيئة مُنتَخبة شعبياً لتمثيل شعب السامي ومصالحهم في النرويج. برلمان السامي Samitinget هو هيئة لاتخاذ القرار الذاتي، حيث أنه يمتلك السلطة لاتخاذ القرارات المُتعلّقة بالعمل وتطوير لغة وثقافة السامي. بالإضافة إلى ذلك، يحق لبرلمان السامي التعامُل ومُعالجة جميع القضايا التي يعتبرها برلمان السامي قضايا مُهمة لشعب السامي. لهذا السبب، يقوم برلمان السامي بالتعامُل مع القضايا المُختلفة مثل، سياسة مصايد الأسماك والسياسة الزراعية، والمناهج الدراسية في المدارس وقضايا الإصلاح في المنطقة. يقوم برلمان سامي أيضاً بتقديم اعتراضات أو اقتراحات في قضايا التخطيط والبناء، على سبيل المثال، التخطيط لبناء توربينات رياح في مناطق الساميين بهدف رعي الرنة.

اليوم بعد 32 عاماً على إنشاء برلمان السامي، مازلنا نرى العديد من القضايا التي يتم فيها تجاوز حقوق الساميين أو عدم إعطائها الأولوية من قِبَلْ السلطات النرويجية. ففي الكثير من الأماكن، لا يحصل كبار السن على الرعاية من قِبَل المُتحدثين باللغة السامية، على الرغم من أنها اللغة الوحيدة التي يفهمها هؤلاء كبار السن. وفي الكثير من الأماكن، لا يتلقى الأطفال التعليم اللغوي الذي يحق لهم الحصول عليه. كما ويتم التضحية بتربية حيوانات الرنة من أجل المناجم وطاقة الرياح اللذان من شأنهما تخريب الطبيعة. ففي مضيق ريبار Repparfjord في فينمارك Finnmark، يَتَوَجّب على دُعاة حماية الطبيعة والساميين اتخاذ تحرّكات ضد تطوير منجم نوسير Nussirgruva، الذي سيقوم باقتطاع أراضي الساميين لرعي الرنة، ويقوم بتفريغ النفايات السامّة في المضيق البحري.

ومع كل هذا، يقوم برلمان السامي Samitinget بإعطائنا فرصة أكبر لتكون أصواتنا مسموعة، فهو الهيئة التي تضم الموارد اللازمة للعمل من أجل قضايانا. ففي جميع أنحاء النرويج تقريباً، يُشكّل الساميون أقلية، وبالتالي يُساعد وجود برلمان سامي قوي على ضمان أن ثقافتنا ومواردنا لا تحيا فقط على حسن نية الأغلبية المُتغيّرة في المجالس البلدية وفي البرلمان النرويجي. والبرلمان السامي شديد الأهمية للسماح لنا بممارسة حقنا في الحكم الذاتي، والسماح لنا بتكوين مُستقبلنا وحدنا.



كتب المقال:
أسلاك هايكا هاتا بيورن: مُستشار الرابطة النرويجية الوطنية للساميين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *