قراءة في سياسات حزب العمال في الدول الإسكندنافية

581

هل سيتبع الاشتراكيون الديمقراطيون في النرويج والسويد خُطى الدنماركيين الصارمة؟

تعتقد غريته بروشمان Grete Brochman أن ما حدث مؤخراً في الدنمارك، فيما يتعلق بسياسة إعادة السوريين، يمثل أيضاً خطّاً متطرفاً في السياق الأوروبي. فهل ستستلهم النرويج والسويد من ذلك؟

رئيسة الوزراء في الدنمارك ورئيسة حزب العمال ميتيه فريدريكسين Mette Frederiksen

طالما أن الهجرة لن تصبح موضوعاً ساخناً في الحملة الانتخابية القادمة في أيلول/ سبتمبر، فلن يواجه حزب العمال Arbeiderpartiet رياحاً ساخنة وستجري الأمور على ما يرام.

ترجم المقال لدار: مهند عبداللّهورد المقال الأصلي على موقع Forskning.no بعنوان:
Innvandring til Skandinavia:
Vil norske og svenske sosial­demokrater legge seg på danskenes strenge linje?

فوضع الهجرة على رأس جدول الأعمال السياسي يجعل الأمر مُتعباً جداً بالنسبة لهم. تقول غريته بروشمان Grete Brochman أستاذة علم الاجتماع بجامعة أوسلو ” عندما يصبح حزب العمال Arbeiderpartiet غير واضحاً، يمكن للحزب التقدمي Fremskrittspartiet أن ينجح بحشد أجزاء من الناخبين من خلال إعلانه بأنه سيتبنى سياسة أكثر صرامة من سياسة حزب العمال“. كما وتعتقد غريته بأنه إذا لم يحدث أي شيء مأساوي في العالم من حولنا خلال الأشهر القادمة، فلن تكون الهجرة موضوعاً مُلتهباً في الحملة الانتخابية القادمة. كما وتُضيف غريته ” غالباً ما يتسبب طالبي اللجوء بالجدل السياسي، لكن قلة قليلة منهم يأتون إلى النرويج الآن“.

الهجرة تُمثّل المسألة الصعبة

الديمقراطيون الاشتراكيون في النرويج ليسوا وحدهم من لديهم علاقة صعبة مع موضوع الهجرة. فالأستاذة غريته تعتقد بأن الهجرة تمثل مسألة صعبة للأحزاب الديمقراطية الاشتراكية بشكلٍ عام، وللإسكندنافية منها بشكلٍ خاص.

تساهم الأستاذة غريته بروشمان Grete Brochman بفصلٍ من كتاب ” البحث الاجتماعي المُقارن” أو ” Comparative Social Research”. حيث قامت بدراسة سياسة الهجرة للأحزاب الديمقراطية الاشتراكية في كلٍ من النرويج والسويد والدنمارك خلال السنوات الخمسين الماضية، واعتمدت في دراستها على طريقة التحليل التاريخي ودراساتٍ توثيقية.

تغيّر الهجرة مع مرور الوقت

بدأت الهجرة إلى الدول الاسكندنافية بالتسارع في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. حيث أصبح لدى الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية الثلاث في النرويج والسويد والدنمارك سياسة متماسكة إلى حدٍ ما. لكن سيصبحون أكثر اختلافا بمرور الوقت، الأمر الذي كشفته غريته بروشمان Grete Brochman في دراستها.

لقد كانت الهجرة إلى اسكندنافية في البداية عبارة عن هجرة عمل. كما ظهرت الحركة النقابية بقوة إلى الواجهة في الدول الإسكندنافية الثلاث، حيث كان هناك الكثير من القلق بشأن ما نسميه اليوم ” الإغراق الاجتماعي”.

تقول غريته بروشمان Grete Brochman ” كان هناك خوف من تكوين طبقة من العمالة الاحتياطية في سوق العمل، حيث يمكن أن يساعد هؤلاء المهاجرين الجدد في تخفيض الأجور وتراجع الحقوق التي ناضل من أجلها العمال في بلدان الشمال الأوروبي. لذا تم تقديم قوانين للهجرة في السبعينيات من أجل التعامل مع مثل هذه التحديات”.

لكن الوضع قد تغيير عندما أصبح عدد اللاجئين والقادمين بلم شمل الأسر هو الأكبر في أعداد المهاجرين، حيث لم يعد بالإمكان استخدام القوانين والأدوات السياسية التي تم تقديمها قبل ذلك.

الباحثة غريته بروشمان Grete Brochmann

قيادة السويد لسياسة الهجرة

كان هناك هجرة عمّالية كبيرة إلى السويد بشكل كبير إلى حد ما، وذلك قبل أن تحدث مثل هذه الهجرة إلى النرويج والدنمارك. وبالتالي فإن الديمقراطيون الاشتراكيون السويديون هم من حددوا النغمة التي تسير عليها سياسة الهجرة في الدول الاسكندنافية.

في السبعينيات كان الاشتراكيون الديمقراطيون السويديون في السلطة لأكثر من 40 عاماً، حيث اتبعت سياسة الاندماج في السويد مسارين:

فمن ناحية، حصل الوافدون الجدد على نفس الحقوق التي يتمتع بها أولئك الذين يعيشون هناك.

ومن ناحيةٍ أُخرى، تم إنشاء حيّز لهؤلاء الوافدين للحفاظ على ثقافتهم الأصلية وتقاليدهم الدينية.

تراجع الثقافة السويدية

وضع السويديون سياسة تجمع بين تنظيم الدخول إلى البلاد والمساواة في المعاملة والاندماج. ولكن وفي نفس الوقت، كان الاشتراكيون الديمقراطيون هناك قلقين بشأن وجوب حصول الهاجرين على أجورٍ ومعاملة متساوية مع السويديين، كما أنه ومن المهم أيضاً ألا يتوقع المجتمع السويدي أن يصبح المهاجرون “سويديين” بالمعنى الثقافي.

تعتقد غريته بروشمان Grete Brochman بأنه “تم تراجع الثقافة السويدية التقليدية لصالح القيم المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، فالتطور الحاصل تأثر بشكلٍ واضح بالأيديولوجية“.

كانت الدنمارك متخوّفة جداً من تراجع التفكير القومي التقليدي، لم تحظ فكرة التعددية الثقافية على نفس الأهمية التي حصلت عليها في كلٍ من السويد والنرويج“.

كان الفاعلون الرئيسيون في مثل هذه أفكار هم السياسيون البيروقراطيون المتطرفون، وأصحاب المصالح والباحثون. حيث قام جميع هؤلاء باستلهام أفكار جديدة عن تنوع القيم والتسامح الثقافي.

الدنمارك كانت بشكلٍ واضح الأكثر تخوّفاً

تقول غريته بروشمان Grete Brochman “منذ البداية، تابعت النرويج عن كثب ما كان يحدث في السويد، واستمرت على هذا الحال حتى التسعينيات. فعندما تقرأ الوثائق الرسمية النرويجية، يمكنك التعرف على الصياغات التي تمت ترجمتها مباشرة من السويدية“.

وكذلك الأمر قامت الدنمارك بتبني الكثير من تلك الأفكار الجديدة من السويد، لكن حزمة الأفكار التي قامت السويد بتطويرها تم استقبالها في الدنمارك بكثيرٍ من النقد وأكثر مما تم في النرويج.

تقول غريته بروشمان Grete Brochman “كانت الدنمارك متخوّفة جداً من تراجع التفكير القومي التقليدي. فلن تحظ فكرة التعددية الثقافية في الدنمارك على نفس الأهمية التي حصلت عليها في كلٍ من السويد والنرويج“.

لقد كان الدنماركيون معارضون للخطط الخاصة والسياسات التي تتناسب مع وضع المهاجرين.

كان السويديون كرماء

انفصلت سياسة الهجرة في البلدان الاسكندنافية الثلاث تقريباً في عام 2000. فسارت السويد والدنمارك في اتجاهين متعاكسين فيما يتعلق ببعض الأمور. فمنذ أن تولى فريدريك راينفيلت Fredrik Reinfeldt من حزب موديراتارنا Modertarna السلطة في السويد عام 2006 اتبعت السويد سياسة هجرة مُتحررة للغاية.

تميزت السويد بهذه السياسة حتى أزمة اللاجئين عام 2015, حيث استقبل السويديون ما يقرب 160000 لاجئ بحلول ذلك العام. جاء الغالبية من هؤلاء اللاجئين من سوريا. بينما يوجد الآن تحول كبير في هذه السياسة.

حيث أرادت السويد تحت قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أن تشير إلى سياسة أكثر تشدداً، وأن تضع نفسها بين أكثر بلدان الاتحاد الأوروبي تقييداً لاستقبال اللاجئين. فبعد قيام السويد بذلك الأمر، حصل عدد أقل بكثير على حق اللجوء فيها.

تقول غريته بروشمان Grete Brochman “إذا أردنا مقارنة السويد مع النرويج والدنمارك، فما تزال السويد تتمتع بمستوى عالٍ فيما يتعلق بعدد السكان“.

الدنمارك تزداد تشديداً

بدأت الدنمارك بسياسة الهجرة الأكثر تشدداً في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ففي عام 2002 ,قدمت الحكومة بقيادة رئيس الوزراء اندرش فوغ راسموسين Anders Fogh Rasmussen مخططاً يمنع المهاجرين وغيرهم من لديهم مدة إقامة قصيرة في البلاد من تلقي المساعدات الاجتماعية. وبدلاً من ذلك تلقى هؤلاء شيئاً يُسمى بالمساعدة البدائية، والتي تضمنت دعماً أقل بكثير من الدعم الحكومي.

قامت رئيسة الورزاء الحالية مته فريدريكسين Mette Frederiksen الاشتراكية الديمقراطية بجعل هذا الخط المُتّبع أكثر صرامةً. كتبت NRK بأن94 سورياً قد حصلوا مؤخراً على تبليغٍ لا يسمح لهم بالبقاء في الدنمارك بعد الآن، كما أنه من المتوقع أن يتلقى العديد من السوريين التبليغ نفسه في المستقبل.

الأكثر تشدداً في أوروبا

تتبع الدنمارك بقيادة الاشتراكيين الديمقراطيين سياسة الهجرة الأكثر تشدداً من بين سياسات البلدان التقليدية للهجرة في أوروبا.

تقول غريته بروشمان Grete Brochman “لقد أشار الاشتراكيون الديمقراطيون في الدنمارك إلى أنهم يرون العودة إلى جذورهم، حيث يوجد هناك للقيم القومية الأساسية والتضامن أهمية أكبر من حقوق الانسان والتعددية الثقافية. وبهذه الطريقة تمكن هذا الحزب من التفوق على حزب الشعب الدنماركي Dansk Folkeparti“.

كما وقامت السويد بقيادة رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي ستيفان لوفين Stefan Löfven بتغيير سياسة الهجرة الخاصة بهم منذ عام 2015. تقول غريته بروشمان Grete Brochman “لقد قامت السويد بإدخال ضوابطٍ جديدة على حدودها، كما وأرادت الانضمام إلى أكثر المنهجيات تشدداً في الاتحاد الأوروبي. ومن بين الأمور الأُخرى قامت السويد أيضاً بالتغيير فيما يتعلق بالحماية المؤقتة وتوزيع الحقوق“.

لقد كانت الغاية من ذلك أن يكون حلاً مؤقتاً بعد أزمة اللاجئين، للإشارة إلى أن السويد لم تعد دولة اللجوء الليبرالية في أوروبا.

تغير الجدل في السويد أيضاً

تخبرنا غريته بروشمان Grete Brochman “تحولت العديد من المخططات المؤقتة في السويد إلى مخططات دائمة في السنوات منذ عام 2015, حيث سيقوم الاشتراكيون الديمقراطيون بوضع سياسة هجرة جديدة قبل بداية العطلة الصيفية. فلا أحد يعتقد بأنهم سيعودن إلى السياسة التي كانت مُتّبعة في السويد قبل أزمة اللاجئين. فالنمو القوي للديمقراطيين السويديين يشكل رسالة واضحة بأن بعض السكان في السويد مشغولون بالتشديد المُتّبَع“.

قدوم الشعبوية في وقت متأخر إلى السويد

تأسس الحزب التقدمي النرويجي FrP في عام 1973 وذلك تحت قيادة كارل اي هاغن Carl I. Hagen. حيث كان لدى كارل منذ أواخر الثمانينات صورة أكثر وضوحاً ضد الهجرة.

لكن الدنمارك كان لديها حزباً يمتلك تماماً نفس الاسم في السبعينيات، والذي ميّز نفسه بانتقاده للهجرة. الأمر الذي ساهم بجعل موضوع الهجرة قضية سياسية في الدنمارك في وقتٍ مبكرٍ. وكان الأمر كذلك أيضاً بالنسبة للاشتراكيين الديمقراطيين هناك.

تُشير غريته بروشمان Grete Brochman بأن لدى الدنمارك توجهاً ايديولوجياً قومياً في سياسة الهجرة أكثر مما لدى السويد والنرويج، “كانت الهجرة في السويد بدايةً أمراً يتم إدارته من قبل الخبراء كما وكانت أقل تسييرا مما هو الحال عليه في الدنمارك والنرويج“.

ثم جاء الديمقراطيون السويديون

في انتخابات عام 2010 تجاوز الحزب الديمقراطي السويد المُنتَقد للهجرة الحاجز، وفي انتخابات عام 2018 أصبح ثالث أكبر حزب. مما أدى إلى تغيير الكثير.

تقول غريته بروشمان Grete Brochman:

بدأت النرويج تدريجياً بالنظر أكثر فأكثر إلى ما تفعله الدنمارك فيما يتعلق بسياسة الرفاهية، خاصة بعد تولي حكومة سولبرغ Solberg مقاليد الأمور“.

تعتقد بروشمان بأنه من المثير للاهتمام مدى تزايد النقاش الرسمي حول الهجرة في السويد بالمقارنة مع النرويج، وبالمقارنة بشكلٍ خاص مع الدنمارك. الأمر الذي يوضح إلى مدى تدور النقاشات الرسمية على مستوى وطني.

تقول غريته بروشمان Grete Brochman “هناك اختلاف كبير فيما يتعلق بمناخ النقاشات في الدول الاسكندنافية الثلاثة، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالهجرة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالقضايا الأُخرى. وقد دام الأمر كذلك لوقتٍ طويل“.

النرويج تجد موقفاً وسطياً

تعتقد غريته بروشمان بأن حزب العمال النرويجي وجد لنفسه مكاناً وموقفا ًوسطياً بين زملائه السويديين والدنماركيين. فمع تزايد أعداد طالبي اللجوء منذ أواخر الثمانينيات وتصاعد الحزب التقدمي FrP منذ التسعينيات، أصبح حزب العمال أكثر انقساماً فيما يتعلق بوجهة نظره بشأن الهجرة.

من الواضح بأن النرويج أرادت بأن تأخذ موقفاً وسطياً فيما يتعلق بسياسة الهجرة. لكن هل بدأنا نسمح لأنفسنا في النرويج أن نستلهم المزيد من الدنمارك؟

تقول غريته بروشمان Grete Brochman ” بدأت النرويج تدريجياً بالنظر أكثر فأكثر إلى ما تفعله الدنمارك فيما يتعلق بسياسة الرفاهية، خاصة بعد تولي حكومة سولبرغ Solberg مقاليد الأمور، لكنني غير متأكدة ما سيحصل بعد ذلك في حال جاء حزب العمال إلى الحكومة في الخريف المقبل”.

تعتقد غريته بروشمان Grete Brochman بأن كلاً من ستيفان لوفين Stefan Löfven في سويد ويوناس غار ستوره Jonas Gahr Støre في النرويج يتابعان عن كثب ما يحدث في شقيقهم حزب العمال الدنماركي. ولكن على الرغم من ذلك لا تعتقد بروشمان بأن حزب العمال النرويجي سوف يتبني المُنعطف المتشدد الذي نراه في الدنمارك.

يقول بيتر ايغه لانغساتر Peter Egge Langsæther الأستاذ في جامعة أوسلو

قامت مته فريدريكسين Mette Frederiksen رئيسة وزراء الدنمارك بعملية تحوّل. فهي توجه خطابها بشكلٍ مباشر إلى الطبقة العاملة الدنماركية. وتقول للناخبين الذين تخلوا عن حزبها لصالح سياسة الهجرة التي يتبعها حزب الشعب الدنماركي Dansk Folkeparti الناقد للهجرة ” لستم أنتم من خذلنا، نحن الذين خذلناكم“.

“كان لسياسة الهجرة التي كانت حاضرة بشكل كبير في الاجتماع السنوي لحزب العمال النرويجي Arbeiderparti، أفكاراً مستوحاة من طريقة التفكير الدنماركية. لكن هذا لا يعني بأن حزب العمال النرويجي سيقوم باتباع خُطى الدنمارك، وذلك لأن ما حدث في الدنمارك في عهد حكومة رئيسة الوزراء من فريدريكسن هو مُنعطف كبير إلى حدٍ ما، لا سيما في سياسة اللجوء واللاجئين”.

نجاح الاشتراكيين الديمقراطيين في الدنمارك

تعاني الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية من وجود معارضة كبيرة لها في جميع أنحاء أوروبا، لكن هناك استثناء كبير عندما يأتي الأمر إلى الدنمارك. فعندما يتعلق الأمر بالانتخابات، فقد حقق الاشتراكيون الديمقراطيون تحت قيادة مته فريدركسن Mette Frederiksenنجاحاً كبيراً في السنوات الأخيرة.

يعتقد بيتر ايغه لانغساتر Peter Egge Langsæther بأن التطور في السياسة الدنماركية يثير الاهتمام بشكلٍ كبير “قامت مته فريدريكسين Mette Frederiksen رئيسة وزراء الدنمارك بعملية تحوّل. فهي توجه خطابها بشكلٍ مباشر إلى الطبقة العاملة الدنماركية. وتقول للناخبين الذين تخلوا عن حزبها لصالح سياسة الهجرة التي يتبعها حزب الشعب الدنماركي Dansk Folkeparti الناقد للهجرة ” لستم أنتم من خذلنا، نحن الذين خذلناكم”.

أدت عملية التحوّل هذه إلى حصول الدنمارك على البرلمان الأكثر اشتراكية منذ عقود.

التمكّن من جمع القوى

تدور عملية التحول التي يقوم بها الاشتراكيون الديمقراطيون في الدنمارك على تقديم حزمة مُشدّدة من الإصلاحات، سواء في سياسة الهجرة أو في حصول المهاجرين على مزايا الرعاية الاجتماعية. ففي سياسة الرعاية والرفاهية الاجتماعية يحاول الاشتراكيون الديمقراطيون جعل حصول المهاجرين على مزايا هذه الرفاهية أقل من ذي قبل. وذلك لأنهم في الأساس لا يريدون مهاجرين من اللاجئين، بحسب رأي بروشمان.

فالتوحيد بين سياسة صارمة للهجرة والسياسة الاجتماعية الاشتراكية الديمقراطية الأكثر كلاسيكيةٍ، يضرب على الوتر الحساس لدى الناخبين الدنماركيين.

تُشير غريته بروشمان Grete Brochman ” إن سياسة مته فريدريكسين Mette Frederiksen مسموعة بقوة لدى السكان الذين تناشدهم، كما وأنها تمكنت أيضاً من حشد القوات في حزبها وراء البرنامج الذي أدى إلى فوزها في الانتخابات. وقد قامت بعد الانتخابات بالتحول بشكلٍ فعلي لتذهب بهذا البرنامج إلى أبعد من ذلك، فآخر ما حدث في الدنمارك بشأن سياسة إعادة السوريين إلى بلادهم يشكل منهجاً مُتطرفاً في السياق الأوروبي أيضاً”.

ماذا بشأن الناخبين؟

من سيصوت للأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في كلٍ من الدنمارك والسويد والنرويج؟

يقول الأستاذ بيتر ايغه لانغساتر Peter Egge Langsæther “الناخبون في معظم الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية هم عبارة عن تحالف للعمال ومجموعات من الطبقة الوسطى الجديدة من الاخصائيين الاجتماعيين والمعلمين والأساتذة. لكن المشكلة الكبيرة تكمن بأن ناخبين الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية هنا مختلفون تماماً“.

يتفق ناخبو هذه الأحزاب إلى حدٍ كبير على السياسة الاقتصادية من حيث إعادة التوزيع، لكن لا يتفقون على القضايا المتعلقة بالقِيَم. لذلك فشلت العديد من هكذا أحزاب من أن تكون ليبرالية في العديد من القضايا المتعلقة بالقِيَم، كقضية الهجرة. ولذلك لا يعتقد لانغساتر  Langsætherبأن ستوره Støre زعيم حزب العمال النرويجي سيسير على خُطى فريدريكسن Frederiksen زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الدنمارك ورئيسة وزراء الدنمارك.

شكوك الطبقة العاملة اتجاه الهجرة

لماذا تنتقد الطبقة العاملة الهجرة؟

يُجيب لانغساتر Langsæther بأنه تم شرح هذا الأمر بطرقٍ مختلفة. فالبعض يُشير إلى أن العمال أكثر عرضة للمنافسة من قِبَل المهاجرين، سواء في سوق العمل أو عندما يتعلق الأمر بالحصول على خدمات الرعاية الاجتماعية. بينما يسلط البعض الآخر الضوء على كراهية الأجانب والأحكام المُسبقة، فهم يفترضون بأن هذا قد يكون مرتبطاً بالمستوى التعليمي أو القدرات المعرفية لهؤلاء الكارهين.

يقول لانغساتر Langsæther “إنه من الخاطئ بأن نعطي حكماً مُسبقاً ونفترض بأن الآخرين أغبى مننا نحن، فيجب أن يكون لدى المرء دليل تجريبي ليتمكن من قول شيء كهذا“.

رؤساء حزب العمال في النرويج والدنمارك والسويد. من اليمين Jonas Gahr Støre, Mette Frederiksen, Stefan Löfven

نقاش ساخن

يخبرنا الباحث في العلوم السياسية في جامعة أوسلو بأنه يوجد الآن نقاش دولي ساخن في الأوساط الأكاديمية حول هذا الموضوع بالضبط، كما ويناقش الناس أيضاً فيما إذا كان دعم اليمين الشعبوي مرتبطاً بالقضايا الاقتصادية أو مرتبطاً أكثر بالثقافة.

يقول الأستاذ لانغساتر Langsæther “أنا شخصياً اعتقد بإنه من الخاطئ والمُجحف بأن نعطي حكماً مُسبقاً ونفترض بأن الآخرين أغبى مننا نحن، فيجب أن يكون لدى المرء دليل تجريبي ليتمكن من قول شي كهذا“.

كما ويعتقد لانغساتر بأن السؤال الكبير والمثير للاهتمام يدور حول إمكانية التعليم العالي في جعل الناس أكثر فهماً لموضوع الهجرة، أو أن المجموعات الأكثر إيجابية بشأن الهجرة هي التي تأخذ تعليماً عالياً أكثر من غيرها؟

أم أن هناك احتمال ثالث, هو أن الأشخاص الذين يأخذون تعليماً عالياً ينتهي بهم الأمر في الغالب في وظائف تختلف عن وظائف أولئك ذوى التعليم المنخفض, وبالتالي يكون للفئتين اهتمامات مختلفة فيما يتعلق بالهجرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *