يجب منح الأولوية في اللقاح للمدن الكبرى قبل البلديات الصغيرة الخالية من كورونا

760


(جاء المقال كانتقاد لسياسة الحكومة بسبب توزيعها المتساوي للقاح بين المدن النرويجية بغض النظر عن مدى انتشار الفيروس فيها)

كتب المقال: غونار ستافروم Gunnar Stavrum ل Nettvisen الترجمة: مهند عبدالله (دار)
معلومات المقال


قد يكلّف خيار الحكومة أرواح الناس في المدن الكبيرة من أجل إرضاء الناس في المدن الصغيرة

على عكس نصيحة المتخصصين، فقد قررت الحكومة توزيع لقاح كورونا بالتساوي في جميع أنحاء البلاد. الأمر الذي يُعتَبر بمثابة سوء فهمٍ لمفهوم العدالة.

لا يمكن أن تكون حياة من يسكنون في المدن الصغيرة أكثر قيمة من حياة من يسكنون في المدن الكبرى! يوجه كاتب المقال تساؤله لرئيسة الوزراء ارنا سولبرغ

أخيراً، يدور هناك نقاشٌ حيوي حول من يجب أن يحصل أولاً على لقاح كورونا، فالتقييم أصعب بكثير مما يعتقده الكثيرون، لأن الأمر يتعلق حرفياً بالحياة والموت.

لقول ذلك بشكلٍ مُختَصرٍ ومباشر: تعطي الاستراتيجية المُتَبعة اليوم الأولوية للأشخاص الذين يسكنون في البلديات التي لا تحتوي على إصابات، وذلك على حساب الأشخاص الذين لديهم احتمالية أكبر للإصابة بالمرض في المدن الكبرى. وكأن الموضوع قضية مدينة وريف، مواجهة رجُلٍ لرجُل.

هناك بشكلٍ رئيسيّ ثلاث طرق للتفكير في الأمر:

. يجب أن نتعامل أولاً مع أولئك المعرضين لخطر الموت في حال إصابتهم.

. يجب علينا أولاً تطعيم أولئك الذين يشكلون الخطر الأكبر للإصابة بالعدوى.

. يجب أن نختار الترتيب الأفضل للاقتصاد والعمل.

كان لدى NRK في الأمس رسم بياني يوضّح أن الحكومة تأمل في تطعيم جميع كبار السن فبل وفاتهم بسبب الشيخوخة، فهذه روح الدعابة الخشنة التي تضع الأصبع على النقطة الحساسة. أما الحجة المضادة فهي أن هذه المجموعة مُعرّضة لخطر الموت أكثر من غيرهم في حال مرضهم، وأن جميع الأرواح تمتلك نفس القيمة. ربما يوافق الأغلبية من المصوّتين وعلماء الأخلاق الطبية على إعطاء الأولوية لكبار السن في دور رعاية المسنين والعاملين الصحيين الذين هم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، لكن هذه المجموعة صغيرة جداً بحيث أن الأمر قد لا يستغرق سوى بضعة أسابيع.

الحقيقة الواضحة التي لم يتم ذكرها هي، هل ينبغي حقاً تطعيم الجميع الذين ينتمون لهذه المجموعة في نفس الوقت وفي جميع أنحاء البلاد، كما هو مُخطط له الآن؟ هذا هراء، حسب رأيي.

وفقاً للمعهد الوطني للصحة العامة، يوجد الآن 175 بلدية ممن لم يسجلوا أية إصابة على الإطلاق، في حين أن هناك 85 بلدية أخرى لديها أقل من خمس إصابات، وبالتالي فهناك 260 بلدية حيث إن عدد الإصابات معدوم أو قليل جداً. ومع ذلك سيتم توزيع اللقاح بالتساوي في جميع أنحاء البلاد. يذكر المعهد الوطني للصحة العامة أن 350 من أصل 356 بلدية في البلاد ستبدأ التطعيم هذا الأسبوع. الأمر الذي يُطلق عليه: حصول جميع البلديات في المستقبل القريب على اللقاحات وفقاً لعدد الأشخاص في الفئات المعرضة للخطر وترتيب الأولوية، ولكن ووفقاً للمعهد الوطني للصحة العامةFHI فإن العدد سيتأرجح الآن في البداية مع احتمالية وصول عدد محدود من اللقاحات.

بمعنىً أوضح، فإن جميع البلديات ستتلقى كمية لقاحات محسوبة وفقاً لعدد السكان في الفئات العمرية المختلفة، أي أنه على سبيل المثال، سيتم تطعيم شخص عمره 65 عاماً في بلدية لا تحتوي على إصابات كورونا، في نفس الوقت الذي سيتم فيه تطعيم شخص بنفس العمر تماماً ولكن يعيش في وسط مناطق تحتوي على إصابات مثل تروندلاغ Trøndelag أو ستوفنرStovner.

من غير المؤكد في الوقت الحالي مدى السرعة التي ستحصل فيها النرويج على اللقاحات، فلقد اشترينا لقاحاتٍ للجميع، لكن الشركة المُصَنّعة هي التي تحدد وتيرة الحصول على اللقاحات. على ما يبدو حتى الآن فإنه سيتم وبأعدادٍ تقريبية تطعيم كل الأشخاص في الفئات المُعَرّضة للخطر قبل عيد الفصح، بينما سيتم تطعيم الغالبية العظمى من الأشخاص الآخرين قبل الصيف.

على الرغم من أنه سيتم تطعيم كل الأشخاص من الفئات المُعرّضة للخطر، إلا أن الحكومة ليست مستعدة لتخفيف التدابير. والسبب هو أن الآخرين معرضون أيضاً لخطر الإصابة والموت. الشيء الذي يُراد قوله بأن ترتيب تطعيم الأشخاص من شأنه تحديد سرعة انتشار العدوى كما يحدد متى يمكننا إعادة فتح المجتمع.

اختارت الحكومة توزيع اللقاحات بالتساوي في جميع أنحاء البلاد: يجب أن يصطف الجميع في نفس الدور، بغض النظر عما إذا كانت هناك إصابة في المكان الذي تعيش فيه أم لا.

في 15 ديسمبر/كانون الأول، أوصى المعهد الوطني للصحة العامةFHI بمراعاة الاعتبارات الجغرافية، حيث كتب المعهد:

فيما يتعلق بالأهداف الوقائية العامة للتطعيم، قد يكون من المناسب تحديد الأولويات الجغرافية بناءً على ضغط العدوى. إن كبار السن والفئات المُعرّضة للخطر سيكونون هم الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى، وبالتالي الدخول في دائرة الخطر والموت في المناطق ذات ضغط العدوى المرتفع“.

ذكر أستاذ الاقتصاد شتاينر هولدن Steinar Holden في نصيحةٍ له، بإنه سيكون من الأفضل من حيث الحد من انتشار العدوى والاقتصاد الوطنيّ، إعطاء الأولوية في اللقاح للمناطق التي لديها أكبر عدد من الإصابات.

إذا اختارت الحكومة الطريق الأسهل للمقاومة وذلك حتى لا تستفز المناطق الريفية في النرويج، فإن النتيجة في أسوأ الأحوال ستكلف أرواحاً. فقد توفيّ في النرويج حتى الآن شخص من أصل مئة ممن أُصيبوا بفيروس كوورونا.

نظراً لتوزع العدوى غير المتساو في البلاد، فإن تطعيم شخص يبلغ 65 عاماً ويُقيم في ستوفنرStovner سيوفر له فرصة أكبر لمواجهة المرض، من تلك الفرصة التي قد تتوفر لشخصٍ في نفس العمر وتم تطعيمه في واحدة من 260 بلدية التي بالكاد لديها إصابات.

توزيع اللقاح بالتساوي في جميع أنحاء البلاد سيؤدي إلى المزيد من العدوى والمزيد من المرضى

كم من الأرواح سيُكَلّف ذلك؟ يبقى الأمر تخمينيّ ليُقدّر. لكن يبدو من الواضح أن توزيع اللقاح بالتساوي في جميع أنحاء البلاد سيؤدي إلى المزيد من العدوى والمزيد من المرضى بدلاً من إعطاء الأولوية لمناطق ضغط العدوى المرتفع.

إن الاختلافات الجغرافية كبيرة، ففي أوسلو تم تسجيل 2.113 حالة عدوى لكل 10000 شخص، بينما يوجد هناك 1.371 في فيكينViken. وللمقارنة فيوجد هناك 308 حالة فقط لكل 10000 شخص في نورلاند Norldand. إذا بقيت الصورة على ماهي عليه فإن التطعيم في أوسلو يبلغ تقريباً سبع أضعاف مما هو عليه في نورلاندNorland.

إذا أردنا الحديث على مستوى البلديات، فستكون الصورة أكثر تطرفاً. فالإصابات في أوسلو وحدها تسعى نحو 15000 إصابة بفيروس كورونا، بينما يقترب الرقم في بيرغن من 4000 حالة، كما وتجاوزت تروندهايم 1700 حالة. فبالنظر إلى جميع البلديات النرويجية، فهناك 10 بلديات لديها أكثر من 1000, في حين أن 20 بلدية لم يكن لديها حالة إصابة واحدة خلال فترة الوباء بأكملها!

أحد الحجج ضد إعطاء اللقاح للمناطق التي لديها عدد أكبر من الإصابات، هي أنه من غير المعروف تماماً إذا ما كان الشخص الذي تم تطعيمه لا يزال بإمكانه نقل العدوى أم لا. على أية حال فإن هذه النقطة ليست بالحاسمة، لأن الخطر الذي تشكله إصابة شخص بعمر 65 عاماً في ستوفنرStovner يختلف تماماً عن الخطر الذي يتعرض له شخص في نفس العمر ويُقيم في غامفيك Gamvik التي لم يكن فيها أي حالة إصابة.

إذا كان اللقاح يمنع العدوى أيضاً، فسيكون هذا عبارة عن تحوّلٍ كبير. فعندها يضرب المرء عصفورين بحجرٍ واحد من خلال إعطاء الأولوية للمدن في الحصول على اللقاح:

. سيكون عدد المرضى والوفيات أقل.

. سوف تنتشر العدوى بشكلٍ أبطأ.

يتمثل الخيار السليم في تنحية العدالة الظاهرية جانباً، وإعطاء جرعات اللقاح حيث تكون أكثر فائدة وحيث يوصي المعهد الوطني للصحة العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *