كيف تم تجهيز لقاح فيروس كورونا بسرعة؟

811
المقال الأساسي: موقع Faktisk
الترجمة: مهند عبدالله (دار)
معلومات المقال

حدث تطوير لقاحات كورونا بسرعةٍ قياسيةٍ، الأمر الذي دفع الناس للتساؤل عما إذا كانت هذه اللقاحات آمنة. نعم على حد قول الخبراء، كإشارةٍ إلى بحثٍ طويل المدى والذي ضم تجمّعاً خاصاً من المختصين والموارد.
بدأت في الأسابيع الماضية حملة التطعيم في النرويج وعدد كبير من البلدان. كما وتم في نفس الوقت المصادقة على استخدام العديد من لقاحات كورونا SARS-CoV-2, أو تم اقتراب العديد من اللقاحات من الحصول على المصادقة. الأمر الذي حصل بعد حوالي عام من بدء انتشار الفيروس وظهور مرض رئوي غير معروف في مدينة Wuhan الصينية. إن تطوير اللقاح في وقت قصيرٍ جداً قاد إلى التكهنات خاصةً لدى الأشخاص الذين لديهم في الأصل تحفظات اتجاه اللقاحات.

كتب أحد مستخدمي فيسبوك:

هل بدأت أبحاث اللقاح فعلاً بعد أربعة أيام من تطبيق الإغلاق في النرويج؟ متى قاموا بالبحث عن متطوعين من أجل الأبحاث؟ بين الساعة 11:30والحادية عشرة ونصف من اليوم السابق؟ متى بدأت التحضيرات للأمر؟

كما وتم في هذا المنشور مشاركة صورة لأول شخصٍ من المتطوعين الذين حصلوا على لقاح شركة Moderna موديرنا. كما وتم ذكر معلومات، أسفل الصورة، تفيد بأنه قد تم طرح اللقاح ” في 16 مارس/آذار أي بعد أربعة أيام فقط من بدء الإغلاق في النرويج”.

كما قام مُسْتَخدمٌ آخر بالتعليق على نفس الصورة بأن الفيروس كان معروفاً وتم تحليله جينيّاً قبل شهرين من تطبيق الإغلاق في النرويج، وبالتالي فإن هذه الصورة تُثبت بأن اللقاح تم تصنيعه قبل الفيروس. حيث كتب هذا المُسْتَخدِم ” اعتقد بأن الأمر يستحق الوقوف عنده والتفكير فيه، فما نراه في الواقع بأن اللقاح قد تم تحضيره قبل ظهور الفيروس”.

هنا فلابد من الإجابة على الأسئلة التالية، متى بدأ العمل على اللقاحات؟ كيف تمكنا من صنع لقاحات ضد فيروس كورونا بهذه السرعة؟

الخطوط الزمنية تُظهر التطور السريع

قام هؤلاء المستخدمون بأخذ هذه الصورة التي تمت مشاركتها، من مقالٍ تم نشره في Dagbladet والذي يتناول الدعم النرويجي لتطوير اللقاح.

السيدة التي تظهر في الصورة تُدعى جينفر هالر Jennifer Haller وقد حصلت على اللقاح في مدينة سياتل الأمريكية في 16 مارس/آذار من عام 2020 , حيث كانت وكالة أسوشيتد بريس Associated Press حاضرة مع أحد الصحفيين والمصورين في المكان عندما تم إعطاء الحقنة مما يؤكد صحة الصورة والتاريخ.

لكن هل كان اللقاح جاهزاً قبل ظهور الفيروس؟

نشرت شركة موديرنا Moderna للتكنولوجيا الحيوية، خطاً زمنياً مُفصلاً لمراحل تطوير اللقاح.

إذا قمنا بتتبع الخط الزمني، فإننا نلاحظ ما يلي:

. 16 مارس/آذار من عام 2020: حصول أول متطوعي الاختبارات على اللقاح.

. 4 مارس/آذار من عام 2020: مصداقة السلطات الطبية الأمريكية على خطة للتجارب السريرية.

. 24 فبراير/شباط من عام 2020: امتلاك شركة موديرنا Moderna لقاحات جاهزة للتجارب السريرية على المتطوعين.

. 7 فبراير/شباط من عام 2020: إجراء موديرنا Moderna الجولة الأولى من اللقاحات، وإرسالها لإجراء التحاليل قبل استخدامها.

. 31 يناير/كانون الثاني من عام 2020: إتمام شركة موديرنا Moderna والمعهد الوطني للصحة NIH تطوير تسلسل الحمض الريبي النووي الذي سيُستَخدم في اللقاح.

. 11 يناير/كانون الثاني من عام 2020: مُشاركة المعلومات عن التسلسل الجيني لفيروس كورونا الجديد مع سلطات وباحثين في جميع أنحاء العالم.

تمتلك منظمة الصحة العالمية WHO أيضاً خطاً زمنياً مُفصّلاً، والذي يُظْهر كيف قامت المنظمة بالتعامل مع انتشار فيروس كورونا على النطاق العالمي. في هذا الخط الزمنيّ نرى بأنه تم تعريف الإصابة بفيروس كورونا كجائحة في 11 مارس/آذار من عام 2020.

يبدأ الخط الزمني لمنظمة الصحة العالمية في 31 ديسمبر/كانون الأول من عام 2019, عندما أعلن المكتب المحلي للمنظمة أنه تم اكتشاف عدداً من حالات الالتهاب الرئوي مجهولة الأسباب في مدينة ووهان Wuhan الصينية.

أصبح من الواضح في 9 يناير/كانون الثاني، بأن السلطات الصينية قامت بربط المرض بفيروس كورونا المُستجد والمجهول في ذلك الوقت. بعد يومين تمت مشاركة المعلومات الجينية عن هذا الفيروس مع منظمة الصحة العالميةWHO وجهات أُخرى.

هذا يدل على حدوث التطوّر بسرعة، لكن لا يدل على أن اللقاح كان جاهز أو مُجَهّز قبل ظهور الفيروس.

فالفيروس كان معروفاً وتم تحليله ورائياً قبل عدة أشهر من جاهزية اللقاحات الأولى.

تعاون موديرنا Moderna الوثيق مع الباحثين

إن لنجاح شركة موديرنا Moderna في ترشيح لقاحٍ بهذه السرعة أسبابٌ عدة. أحد هذه الأسباب يرتبط بالعمل الطويل في المجال التكنولوجي بالإضافة إلى التعاون الوثيق مع الباحثين الرئيسيين لدى السلطات الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية.

يعرض أحد المقالات المنشورة على موقع Business Insider كيف أن ستيفين بانسيل Stephane Bancel,أحد المدراء في موديرنا Moderna، قام بإرسال بريدٍ الكتروني لأحد باحثي اللقاحات في معهد الصحة الوطني NIH وذلك في 6 يناير/ كانون الثاني. حيث قام بسؤال هذا الباحث عما يعرفه حول هذا المرض الرئوي الجديد في الصين. يعمل في المعهد الوطني للصحة NIH الطبيب المشهور ومٌستشار الجائحات للسلطات الأمريكية انتوني فاوشي  .Anthony Fauci

بانسيل Bancel المدير في موديرنا Moderna طلب من الباحثين في معهد الصحة الوطني NIH بأن يقدّموا المعلومات بأقصى سرعة ممكنة بمجرد حصولهم على الشيفرة الجينية التي أدت إلى المرض.

أن هذا التعاون الوثيق قد استمر لعدة سنوات، حيث قام الباحثون سويةً بترشيح العديد من اللقاحات ضد أمراضٍ أخرى بالإضافة إلى ترشيح منصاتٍ للقاحات. منصات اللقاحات هي عبارة عن نوع من اللقاح شبه النهائي، حيث يكون بالإمكان تطوير واختبار اللقاح بقدر المُستطاع قبل ظهور مرضٍ جديد، ليتم بعد ذلك ملائمته مع المرض الجديد عند ظهوره. إن المُبرر للقيام بذلك هو أن عامل الوقت يكون حرجاً عندما نصبح مُضطرين على مكافحة الأمراض المعدية.

قامت شركة موديرنا Moderna بالمُراهنة على لقاحات mRNA التي لا تتطلب وجود الفيروس نفسه، ولكن تكفي الحصول على الشيفرة الجينية. قال بانسيل Bancel لموقع Business Insider “لم نرَ أبداً هذا الفيروس، فنحن لسنا بحاجةٍ إلى رؤية الفيروس، فكل ما نحتاجه هو الشيفرة الجينية”. تم الحصول على الشيفرة الجينية في 11 يناير/ كانون الثاني وذلك بالتعاون مع معهد الصحة الوطني NIH, ومنذ ذلك الوقت تم البدء بالعمل على إيجاد اللقاح.

بعد يومين فقط، أصبحت سلسلة الشيفرة الجينية لفيروس كورونا بحيث يمكن استخدام هذه القطعة من السلسلة في اللقاح المُرشّح.

منصات اللقاح والمرض المجهول X

قام أنتوني فاوشي Anthony Fauci لاحقاً بالتأكيد على أن هذا العمل السريع كان ثمرة سنوات من التعاون الوثيق. فعندما أصبحت نتائج الدراسات التي أُجرِيَتْ في Moderna معروفة، صرح فاوشي Fauci للصحافة في تاريخ 16 نوفمبر/تشرين الثاني بما يلي” أن التعاون مع موديرنا Moderna كان فريداً من نوعه، حيث استمر لسنواتٍ كثيرة، وهذا الشيء الذي لا يفهمه الناس تماماً. فالتعاون بيننا لم يحدث الآن بل أنه يعود إلى سنوات عديدة ماضية، فالناس يعتقدون بأن هذا التعاون قد حصل في غضون بضعة أشهر، لكن الأمر ليس كذلك”.

فاوشي Fauci هو مدير في قسم الأمراض المُعدية في معهد الصحة الوطني NIH, حيث كان له دور مركزي في التعامل مع الجائحة في الولايات المتحدة الأمريكية. فعندما حصلت شركة موديرنا Moderna على موافقة عاجلة في الولايات المتحدة كان هو المسؤول أثناء عملية إطلاق اللقاح.

فاوشي أثناء أخذه للقاح في 22.كانون الأول.2020
(foto: NIH lisensiert under Creative Commons CC-BY 2.0)

إن التعاون بين موديرنا Moderna ومعهد الصحة الوطني NIH هو واحد من الجهود الكثيرة المبذولة لمكافحة الأمراض الخطير المعروف والغير معروف منها. عدد من بيئات البحث المختلفة قامت بالعمل لسنواتٍ عدة للحصول على لقاحات ضد أمراضٍ خطيرة كمرض أيبولاebola, والسارس SARS,والإيدز HIV ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS.

كتبت صحيفة Nature في مقالٍ إخباري عن تطوير اللقاح” إن التشابه بين متلازمة الشرق الأوسط التنفسية والسارس وفيروس كورونا الجديد كان له تأثيره أيضاً في تطوير لقاح كورونا”.

من بين الأمور الأخرى، عرف الباحثون في موديرنا Moderna ومعهد الصحة الوطني NIH أنه كان من المهم معرفة البروتين المُميّز من فيروسات كورونا وذلك لاستهدافه، الأمر الذي تمت معرفته من خلال دراسة السارسSARS ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS بعناية.

إن لقاح موديرنا Moderna هو أحد اللقاحات التي حصلت على الدعم من ائتلاف تطوير الاستعدادات للأوبئة CEPI والذي يقع مكتبه الرئيسي في أوسلو في النرويج. كتب بيورغ ديستفولد Bjørg Dystvold من CEPI ” السبب في أننا قد بدأنا سريعاً جداً في العمل، هو اعتمادنا على ما انجزناه سابقاً في تطوير لقاح ضد متلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS وتطوير ما يُسمى بمنصات اللقاح ضد أمراضٍ جديدة ومجهولة”. كما يوضح ديستفولدDystvold بأن ائتلاف تطوير الاستعدادات للأوبئة CEPI قام في 23 يناير/كانون الثاني من عام 2020 بدعم ثلاث جهات فاعلة مختلفة كانت قد بدأت في تطوير لقاح ضد فيروس كورونا، كما يضيف قائلاً” كانت رغبة CEPI هي أن تبدأ بالعمل من أجل تطوير لقاحات ضد الفيروس الجديد بأقصى سرعة ممكنة”.

البناء على أساس سنواتٍ من البحث

إن تطوير لقاح بدءً من الصفر كان يستغرق سابقاً بين 10 و15 سنة على أقل تقدير. فوفقاً لصحيفة الغارديان The Guardian فقد صرح المستشار العلمي للسلطات البريطانية السير باتريك فالانس Sir Patrick Vallance, بأن الأمر يستغرق حوالي 10 سنوات في المتوسط.

إن أسرع اللقاحات التي تم تصنيعها سابقاً قد استغرقت 5 سنوات لتصبح جاهزة، حيث تم الذكر على موقع Nature بأن لقاحاً ضد النكاف استغرق 4 سنوات من أجل تطوير وذلك في ستينيات القرن الماضي، الوقت الذي اعتُبِرَ قياسياً. تطوير اللقاحات من شركات منتجة مثل موديرنا Moderna, فايزر/بيونتيك Pfizer/BoiNTech, أوكسفورد/ آسترازينيكا Oxford/AstraZeneca وشركات أخرى قد حدث بشكلٍ أسرع نتيجة لأسباب عديدة مختلفة. أحد هذه الأسباب هو تطوير منصات لقاح ضد أمراض خطيرة مستقبلية.

وصلت اللقاحات إلى النرويج خلال فترة الميلاد. في الصورة تظهر الطبيبة سميرة بن عيسي Samira Benaissa وهي رئيسة قسم في مشفى أوسلو، أثناء إشرافها على إرسال اللقاح لدور المسنين.  (foto: Heiko Junge / NTB)

تقول سارة غيلبيرت Sarah Gilbert لبي بي سي BBC “لقد قمنا بالتخطيط لمواجهة مرضٍ مجهول، قمنا بانتظار هذا المرض،والآن اعتقد بأن المرض الذي كنا نعمل من أجله قد أتى”. سارة غيلبرت Sarah Gilbert هي أحد الباحثين الرئيسين الذين أوجدوا لقاح أوكسفورد، حيث إن هؤلاء الباحثين حصلوا على زخماً حقيقياً على عملهم في أعقاب وباء الإيبولا ebola في عامي 2014 و2015.

لقد تم الاستفادة في العمل للحصول على لقاحات mRNA على الأبحاث التي استمرت لأكثر من 25 عاماً.

وضع موارد كبير والعمل بالتوازي

من جانبٍ آخر فقط تم تخصيص موارد كبيرة من حيث المال والباحثين، كتب بيورغ ديستفولد نيلسونNilsson Bjørg Dystvold من ائتلاف تطوير الاستعدادات للأوبئة CEPI في موقع Faktisk.no ” لقد قمنا أيضاً بأشياءٍ بشكلٍ متوازٍ، هذه الأشياء تتم عادة بشكلٍ متسلسل. لقد كنا على استعداد للتحضير للمراحل التالية من تطوير لقاحاً مُرَشحاً على الرغم من عدم تأكدنا بأنه سينجح. لقد جازفنا مالياً من أجل كسب الوقت”.

يحدث تطوير اللقاح على مراحل مختلفة، يتم اختبار اللقاح على البشر بحيث يتم تكبير مجموعات الأشخاص التي يتم اختبار اللقاح عليهم بشكلٍ تدريجيّ. تم في وقتٍ مُبَكِر جمع البيانات من المراحل السابقة وتقييم النتائج، وفي وقتٍ لاحق اتخذت مجالس إدارة شركات الأدوية وشركات اللقاحات قراراً بإنفاق مبالغٍ كبيرة على دراساتٍ جديدةٍ وأكبر. ونتيجة للمنح الكبيرة من القطاع العام والمنظمات وتحالفات اللقاحات لم يكن التفكير بالمال يأخذ حيزاً كبيراً من أجل تطوير لقاح كورونا، كما تلقت أيضاً بعض الشركات اتفاقيات مُسبّقة بشأن شراء لقاحات لم تكن جاهزة بعد.

أدت العديد من مشاريع تطوير اللقاحات إلى اختصار المدة الزمنية اللازمة لهذا التطوير، حيث تم إجراء الاختبار في مراحل مختلفة بشكلٍ مُتزامن، وذلك بغض النظر عن عدم اكتمال المرحلة الأولى أو الثانية.

تعتقد غونفيّ غرودلاند Gunnveig Grødeland باحثة اللقاحات في جامعة أوسلو بأن توافر الأموال غير المحدود تقريباً والقدرة على العمل كان لهما تأثيراً كبير. تقول غرودلاند Grødeland لموقع Faktisk.no ” أعتقد بأن الموارد الكبير التي تم تخصيصها لهذا المجال تمتلك تأثيراً كبيراً جداً، فالتكاليف العالية التي تم وضعها من أجل تطوير اللقاح تبدو واضحةً للعيان”.

غونفيّ غرودلاند Gunnveig Grødeland 
Foto: UiO

وفقاً ل VGs vaksineoversikt فقد تم بشكل كليّ استخدام المليارات في تطوير اللقاح، كما تم البدء بأكثر من 200 مشروع من أجل تطوير لقاح ضد كورونا. تقول غرودلاند Grødeland في هذا السياق ” حتى تتم الموافقة على اللقاح،فإن جميع الوسائل المُستخدمة في التجارب تشكل خطراً على صانعي اللقاح, المقصود بذلك , بأنه إذا لم تتم الموافقة على اللقاح فإن مشروع تطويره سيشكل خسارةً خالصة. أما الآن وبعد أن ساهمت السلطات والمنظمات بضماناتٍ مالية، فإن خطر الخسارة قد انخفض”.

العمليات البيروقراطية للموافقة

من المراحل التي تستغرق عادةً الكثير من الوقت في عملية تطوير اللقاح، هي مرحلة الحوار مع السلطات للحصول على الموافقة ومتابعة التطوير. من أجل ضمان بأن الدواء آمن للاستخدام، يتم تقييم ذلك بدقة في كل مرحلة من مراحل التطوير. تقول الباحثة غرودلاند Grødeland” هناك حوار مع السلطات قبل إجراء أي مرحلة سريرية، حيث يتم تقديم الوثائق مع طلب للمتابعة في عملية التطوير. يتكون هذا الإجراء من إعداد مستنداتٍ ضخمةٍ تصف العمل، ثم إرسالها إلى السلطات، وغالباً ما يستغرق الأمر عدة أشهر قبل الحصول على إجابة عن إمكانية المضي قدماً”. هذه العملية كانت سابقاً بطيئةً وبيروقراطية.

تضافرت جهود السلطات في جميع أنحاء العالم، لجعل عملية تطوير لقاح ضد فيروس كورونا أكثر فعالية.

فعلى سبيل المثال، فقد قام مطوروا اللقاحات بمشاركة المعلومات مع السلطات بشكلٍ مستمر، يتم تسمية هذه العملية من قبل وكالة الأدوية الأوروبية EMA ب “المراجعة المستمرة” أو ” rolling review”.

توضّح الباحثة غرودلاند Grødeland قائلة ” كان هناك حوار مستمر مع السلطات التنظيمية حول ما يجب اختباره بالضبط وكيف، فمن خلال التواصل المباشر أثناء العمل، تم اختصاره الكثير من الوقت الذي يمكن هدره على بإجراء هذه الأمور البيروقراطية أثناء العمل”.

قامت وكالة الأدوية الأوروبية EMA أيضاً بتوفير موارد إضافية ليتم الحصول علة الموافقة الفعلية بشكلٍ أسرع أثناء جائحة كورونا، فالإجراء الذي كان يحتاج إلى 210 يوماً لإنجازه، يتم الآن في غضون 150 يوماً كحدٍ أقصى.

ماذا عن السلامة والجودة؟

تمت الموافقة حتى الآن على لقاحين لكورونا في الإتحاد الأوروبي والنرويج وهما لقاحات موديرنا Moderna, فايزر/بيونتيك Pfizer/BoiNTech, ومن المتوقع أن يتم تقييم اللقاح الثالث وهو لقاح أوكسفورد/ آسترازينيكا Oxford/AstraZeneca من قِبَل وكالة الأدوية الأوروبية وذلك قبل نهاية شهر يناير/ كانون الثاني.

وفي إجابة عن السؤال فيما إذا كان من الآمن استخدام لقاحات تم تجهزيها في أقل من عام تقول الباحثة غرودلاند Grødeland “نعم إنه آمن، إن الاختبارات السريرية تستغرق وقتاً طويلاً عادةً وقد تم اتباع جميع الإرشادات التي يتم اتباعها في العادة، كما وتم أيضاً جمع نفس البيانات كالمعتاد”. كما وأوضحت أن جميع اللقاحات التي تم تقييمها حتى وحصلت على الموافقة النهائية قد أكملت جميع المراحل كما هو مُعتاد، حيث تم تبادل البيانات المتعلقة بالتجهيزات وإجراء الاختبارات مع السلطات التي تقوم بإعطاء الموافقة.

تقول غرودلاندGrødeland “إنهم يستوفون جميع متطلبات الاختبار المعياري للقاح، تماماً كما كان الحال قبل كورونا، فلربما يعتقد الكثيرون بأن الأمور قد تكون قد اختلفت الآن لأنها سارت بسرعة، لكنها ليست كذلك حقاً”.

الاستمرار في جمع الخبرات من اللقاحات

لقد سار الأمر بسرعة، فإنه لم يمض وقت طويل منذ بداية إجراء الاختبارات وحتى طرح اللقاح على مجموعات سكانية بأكملها، كما هو الحال في كثير من الأحيان. تقول غرودلاند Grødeland ” من المؤكد بأنه كان هناك رغبةٌ في الحصول على البيانات عن التأثيرات طويلة المدى، الشيء الذي كان بالإمكان الانتظار للحصول عليه لو توفر المزيد من الوقت، فأنا لست قلقة على أية حال”.

كما تضيف غرودلاند Grødeland قائلة ” إن الآثار طويلة المدى يمكن للمرء رؤيتها من خلال العدوى نفسها، فإننا لم نلاحظ تأثيرات على استجابة المناعة الذاتية أو شيء من هذا القبيل على أولئك الذين أُصيبوا بفيروس كورونا، الأمر الذي لا نتوقعه كذلك من اللقاحات”.

على الرغم من كل ذلك ستستمر السلطات في المراقبة, حيث تقوم وكالة الأدوية النرويجيةLegemiddelverket  بجمع المعلومات حول الآثار الجانبية للقاح هنا في النرويج, كما تتعاون مع زملائها في جميع أنحاء العالم لاكتشاف فيما إذا كان هناك تفاعلات خطيرة نادرة أو آثار جانبية للقاحات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *