رانيا جلال الناهي: هناك حاجة لمعرفة أكبر بالإسلام بين العاملين في الطب النفسي.

819

كتب المقال: رانيا جلال الناهي

هناك حاجة لمعرفة أكبر بالإسلام بين العاملين في الطب النفسي

تعتبر الصحة العقلية من المحرمات في العديد من المجتمعات الإسلامية، وغالبًا ما يُنظر إلى الأشخاص الذين يعانون على الصعيد النفسي على أنهم أشخاص ضعاف الإيمان. ولكن في الجانب المقابل في مجال علم النفس، هناك أيضًا القليل من المعرفة حول الإسلام وعلاقة المسلمين بعقيدتهم, وذلك على الرغم من أنهم من أكبر الأقليات التي تعيش في النرويج. بعد 11 سبتمبر 2001 ، أصبح العيش كمسلم في الغرب أمراً صعباً و تظهر استطلاعات الرأي أن هناك تحيزاً واسع النطاق ضد المسلمين في المجتمع النرويجي, سبب ذلك يرجع إلى الصور النمطية حول المسلمين ونظريات المؤامرة من نوع “المسلمون يشكلون تهديداً للثقافة النرويجية” ، وأن “المسلمين يريدون السيطرة على أوروبا”. كل هذه العوامل تجعل حياة المسلم تمر عبر الكثير من الصعوبات. ولذلك يجب السؤال: كيف يؤثر ذلك على المسلمين في النرويج؟

Rania Jalal Al Nahi
Foto: Erlend Berge

بعد 11 سبتمبر 2001 ، أصبح العيش كمسلم في الغرب أمراً صعباً و تظهر استطلاعات الرأي أن هناك تحيزاً واسع النطاق ضد المسلمين في المجتمع النرويجي


يقدم مستشفى جامعة أوسلو منذ عدة سنوات و بالتعاون مع كلية اللاهوت في بليندرن Blindern شريك بغرض المحادثة – samtalepartner عند الحاجة، حيث يمكن طلب ذلك انطلاقاً من وجهة نظر الشخص و معتقده  في الحياة. تم إنشاء هذه الخدمة كمشروع في عام 2011 ومنذ عام 2013 أصبحت عرضاً دائماً في المستشفى. منذ عام 2019 ، تقدم الجامعة في كلية اللاهوت أيضًا برنامج ماجستير في القيادة والأخلاق وممارسة المحادثة، حيث يكتسب الطلاب المعرفة حول المؤسسات النرويجية في نظام الرعاية الصحية ورعاية السجون والقوات المسلحة و مختلف المهام التي تندرج في مجال الرعاية و كذلك رعاية النفس. عموماً تقدم المستشفيات في النرويج عرضًا جيدًا يعكس المساواة و التنوع في المجتمع النرويجي, ولكن كيف يتم ذلك في رعاية الصحة النفسية؟

وفقًا لمجلة علم النفس psykologisk tidsskrift ، يستخدم المسلمون خدمات الصحة النفسية بشكل أقل نسبياً عن الآخرين، و ينطبق ذلك أيضاً على الدول الغربية. يشكل المسلمون عموماً أقلية سريعة النمو، ويعاني العديد من الشباب المسلمين في الغرب من ضغط أكبر في مواجهة المجتمع لعدة أسباب منها توقعات آبائهم تجاه محافظتهم على الثقافة القادمة من بلدهم الأصلي. هناك أيضاً أعداد كبيرة من الوصمات والأحكام المسبقة حول الأمراض النفسية، الأمر الذي يؤدي إلى عدد قليل من العائلات ذات العقيدة الإسلامية التي تطلب المساعدة خوفاً من الانتقادات السلبيّة والإدانة والاستبعاد الاجتماعي.

يستخدم المسلمون خدمات الصحة النفسية بشكل أقل نسبياً عن الآخرين

 في الوقت نفسه ، هناك انفتاح أكبر حول الصحة النفسية بين الشباب المسلمين. ومع ذلك ، تشير الدراسات إلى أن نفس المجموعة تسعى إلى الحصول على رعاية صحية نفسيّة بدرجة أقل من غيرها. قد تكون إحدى الإجابات على هذا هو قلة المعرفة بالإسلام من قبل العاملين في مجال علم النفس. لذلك، يدعو الشباب النرويجي المسلم إلى مزيد من الكفاءة الثقافية والدينية في هذا المجال حتى يتم فهمهم وتكييف تدابير المساعدة عندما يواجهون صعوبات في الحياة اليومية.

نعيش في مجتمع متعدد الثقافات في النرويج ، ولكن لا تزال لدينا علاقة غير طيبة مع اختلافاتنا, الأمر الذي يجعل العرض المقدم للمسلمين في رعاية الصحة العقلية هو ببساطة فقير للغاية لأن مجال علم النفس يفتقر إلى المعرفة بالإسلام وكيفية استخدام الدين كمصدر أثناء العلاج, خصوصاً أن الدراسات تظهر أن الأخصائيين النفسيين هم من أقل ممارسي المهن إيماناً و علاقتهم بالدين ضعيفة بعض الشيء.

هل يمكن التوفيق بين الإسلام وعلم النفس؟

يقوم علم النفس الإسلامي على فهم الطبيعة البشرية و ذلك بإجراء مقاربة شاملة للإنسان ينظر فيها إلى الإنسان ككل و يرتبط فيها المرض النفسي بالمرض الجسدي. عندما يخبر المريض أخصائي الرعاية الصحية أن الشفاء يأتي من الله ، فهذا لا يعني أن المريض لا يثق بالخدمة الصحية ، ولكنه يريد فقط من ذلك تأكيد ثقته بالله حيث يُنظر إلى المهنيين الصحيين على أنهم مهمون و أنهم جزء من خطة الله.

العلاج النفسي الحديث الذي نعرفه اليوم قدمه الطبيب المسلم الغزالي منذ أكثر من 1000 عام

في الإسلام هناك تاريخ طويل من تقاليد الرعاية النفسية. وفقًا للأبحاث، فإن العلاج النفسي الحديث الذي نعرفه اليوم قدمه الطبيب المسلم الغزالي منذ أكثر من 1000 عام الذي وصف خلال عمله الإنسان بأربعة عناصر: القلب، الدافع، الروح والفكر, و يمكن ربط هذه العناصر الأربعة بالعلاج السلوكي المعرفي اليوم: العواطف والسلوك والأفكار و التأمل. تشير العديد من الدراسات إلى أن نماذج العلاج الديني والروحي فعالة مع المسلمين الذين يعانون على الصعيد النفسي كالقلق والاكتئاب. على سبيل المثال ، عندما يكون العلاج المعرفي المقدم متوافقًا مع التعاليم والمبادئ الإسلامية، عندها يتم التركيز بشكل أكبر على الأفكار والتأمل وأن الناس لديهم القدرة على توجيه وتحسين أنفسهم من خلال الصلاة والتأمل الذاتي, كما ورد في القرآن: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]

هل سيكون هناك مجال للدين في العملية العلاجية؟

لطالما استُخدمت الموضوعات الدينية في جميع أنحاء البلاد أثناء عملية العلاج بالنسبة للمرضى المسيحيين و قد حقق ذلك نتائج جيدة. ألا ينبغي إذن فهم المرضى المسلمين من منظور اجتماعي وثقافي وديني لتقديم علاج أفضل؟ متى يجب أن يدخل الإسلام في مجال الرعاية و الصحة النفسية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *